وأنا واصف ما قد علمت من هذا فأقول إنه تنحدر مع هاتين العصبتين اللتين تقدم ذكرهما الجاريتين إلى جانب العرقين الضاربين عصبتان أخريان وأصحاب التشريح يظنون أن خروجهما من القحف في تلك الثقب بأعيانهما التي تخرج منها العصبتان الأوليان. وليس الأمر كذلك بالحقيقة لكنهما تخرجان من ثقبين آخرين فهاتان العصبتان تجريان إلى جانب العصبتين اللتين تقدم ذكرهما في الرقبة كلها ثم تفارقاهما عند أول الصدر وتجريان نحو الفقار من كل واحد من الجانبين واحدة منهما موربة إلى الصلب. فذكر أبقراط الموضع الذي تفارق فيه هاتان العصبتان العصبتين الأوليين فتجريان موربتين نحو الصلب ليجعله تذكرة لنفسه وكان هذا عنده بينا فاكتفى بأن قال: «من الفقرتين اللتين تليان التراقي» يعني من الفقرتين اللتين من تحت التراقي وهما من عظمي التراقي على عمود.
وقد دل على أن كلامه إنما هو في هاتين العصبتين بقوله إن كل واحدة من هاتين العصبتين «تجري من جانب الفقار». وهاتان العصبتان تشتبكان وتلتحمان بالعصب الجاري من النخاع في كل واحد من المواضع التي فيما بين الأضلاع حتى لا يمكنك بسهولة أن تعلم هل يخالط العصب النابت من النخاع شيء منهما أو إنما بينهما وبين ذلك العصب اتصال والتحام فقط في ممرهما به يحويهما.
صفحة ٦٩٦