291

شرح جالينوس ل كتاب أبقراط المسمى افيذيميا

تصانيف

ثم قال: «وتنبت عروق ضوارب أيضا من هذا الموضع وإزاءه» يعني العروق الضوارب التي تنبعث إلى الكبد والمعدة والطحال والأمعاء. وهما عرقان يتصل أصل أحدهما بالآخر ويماسه وليس منشؤهما من العرق الضارب الأعظم كمنشأ سائر العروق الضوارب وغير الضوارب التي منشؤها كلها إلا الشاذ زوجا زوجا وخاصة منشأ العصب لكن منشأ كل واحد منهما مفرد على حدته وهو من مقدم العرق الضارب الأعظم. وينبت أولا العرق الذي ينبث في الكبد والطحال والمعدة ثم الآخر الثاني يماسه وينقسم في جدولين من جداول الأمعاء فأما الجدول الثالث الذي هو في الجانب الأيسر وينحدر إلى أن يتصل بالمعى المعروف «بالمستقيم» الذي طرفه الدبر فالعرق الضارب الذي ينبث فيه ينبت من مواضع أخر. وهذان العرقان الضاربان اللذان ذكرت ربما كان أصلهما واحدا ثم ينقسم قسمين وإلى جانب كل واحد منهما عصبة لاصقة به تنقسم كما ينقسم العرق الضارب في ذلك الجدول الذي ينقسم فيه.

ولذلك قال: «إنه يتصل بكل واحد من هذين العرقين عصبة من كل واحد من الجانبين» فإن لم نفهم قوله «من كل واحد من الجانبين» أنه عنى به العصب وفهمنا أنه عنى به العرقين الضاربين كما يؤدي بعض النسخ لأنه يوجد فيها «وتنبت عروق ضوارب أيضا من هذا الموضع من كل واحد من الجانبين عرق تتصل به عصبة» لم يجز لنا أن نفهم من قوله هذا أنه يعني به هذين العرقين إذ كان نباتهما ليس هو على طريق نبات ما ينبت زوجا زوجا وذلك أنهما ليسا باثنين من الجانبين لكن من الجانب المقدم. فيجب ضرورة أن نفهم على حسب ما في تلك النسخة من قوله هذا «إن عروقا ضوارب من هذا الموضع من كل واحد من الجانبين عرق» العرقين الضاربين اللذين يتصلان بالكليتين وذلك أن هذين العرقين منشؤهما من جنبتي العرق الضارب الأعظم ويجاوزهما أيضا عصبتان دقيقتان تتصلان بالكليتين.

وقد بينت في تفسيري لكتاب أبقراط في المفاصل في مواضع كثيرة من ذلك الكتاب أنه يعني «بالعصب» ما ينبت خاصة من الدماغ أو من النخاع وسنبين لك في كلام يأتي بعد هذا أن استعماله لهذا الاسم على هذا المعنى.

صفحة ٦٧٠