قال: «لكن الشيء جاء مع عرق من تلقاء نفسه» ودل بهذا القول على أنه جاء عرق ورعاف «من تلقاء نفسه» وقد فهم قوم أن ذلك المريض عرق من غير أن يرعف. فأما قوله «وبرز شيء إلى خارج» ففهم منه جميع من يعرف هذه النسخة على هذا ما خرج البراز. والذي يعرف هذه النسخة القدماء من المفسرين وممن أتى بعدهم من تحرى ألا يزيد ولا ينقص ولا يغير على نحو ما يهوى وقصد لتفسير ما وجده على نحو ما وجده. وقد أتى قوم بعد فحذفوا هذا الكلام كله وأتبعوا قول أبقراط حين قال: «إن الشيء جاء مع عرق من تلقاء نفسه إلى خارج» أن كان سكون علته بذلك «وكان في طحاله تمدد في الجانب الأيمن ». وإنما قالوا ذلك لأن ذلك الرجل قد كانت سكنت عنه حماه وخرج من مرضه بعد الاستفراغ الذي أصابه إما بالعرق وحده وإما بالعرق مع الرعاف ثم إنه بعد إما بخطاء منه وإما لعظم ورم طحاله عاوده مرضه ثم لم يزل يزداد سوء حال قليلا قليلا حتى «مات».
ولما وصف أبقراط جميع ما عرض لذلك الرجل كان بعض ما وصف من حاله أن قال: «وكان في طحاله تمدد في الجانب الأيمن» وعنى بذلك أن الورم كان من طحاله في جانبه الأيمن لا في جانبه الأيسر «وكان نفسه يتضاعف» ومعنى هذا القول أن إدخاله النفس أو إخراجه كان ينقطع ثم يعود أو إدخاله أو إخراجه جميعا. وقد وصفت جميع أصناف التنفس الرديء في كتاب غير هذا جعلته في ثلاث مقالات وأنت قادر أن تعرف من ذلك الكتاب جميع أمر أصناف التنفس.
صفحة ٣٥٨