قلت: وفي هذا كله نظر، بل في بسطه هذه الأنواع إلى هذا العدد نظر، إذ يمكن إدماج بعضها في بعض، وكان أليق مما ذكره، ثم إنه فرق بين متماثلات منها بعضها عن بعض، وكان اللائق ذكر كل نوع إلى جانب ما يناسبه.
ونحن نرتب ما نذكره على ما هو الأنسب، وربما أدمجنا بعضها في بعض طلبا للاختصار والمناسبة، وننبه على مناقشات لا بد منها -إن شاء الله تعالى-.
الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في المقدمة يذكر منهجه في الاختصار، وأنه تبع ابن الصلاح في ذكر هذه الأنواع، ثم تعقبه في بسط هذه الأنواع، وأنه يمكن لم شملها، وإدماج بعضها في بعض، وأيضا ابن الصلاح ألف كتابه إملاء يمليه على الطلاب، كل يوم بيومه، كل درس في وقته، فلم يأت ترتيبه على الوضع المناسب، فالحافظ بن كثير -رحمه الله- قدم وآخر في ترتيب هذه الأنواع نظرا للمناسبة، وبقي عليه أشياء مما ينبغي تقديمه، وأشياء مما ينبغي تأخيره.
على كل حال الترتيب أمره سهل، الخطب يسير فيه، المقصود استيعاب المادة العلمية، ولذا يقول: "ونحن نرتب ما نذكره على ما هو الأنسب، وربما أدمجنا بعضها في بعض طلبا للاختصار والمناسبة" يعني لو جاء خفي المراسيل مثلا على سبيل المثال وجعله مع التدليس، أو مع المرسل الظاهر؛ لأن له صلة بالتدليس على ما سيأتي، وله أيضا مشابهة بالمرسل الظاهر على ما سيقرر -إن شاء الله تعالى-.
النوع الأول: الصحيح، (تقسيم الحديث إلى أنواعه صحة وضعفا)
قال: اعلم -علمك الله وإياي- ...
على كل حال هذا العنوان (تقسيم الحديث) هذا ليس من نظم المؤلف، ولذا وضع بين قوسين معكوفين.
أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف.
قلت: هذا التقسيم إن كان بالنسبة إلى ما في نفس الأمر، فليس إلا صحيح أو ضعيف، وإن كان بالنسبة إلى اصطلاح المحدثين فالحديث ينقسم عندهم إلى أكثر من ذلك، كما قد ذكره آنفا هو وغيره أيضا.
صفحة ٨