يحيى النووي، على كل حال هذا للمتأهل دون غيره، ولا يعني هذا أن غير المتأهل لا يزاول التصحيح والتضعيف للتمرين، بل عليه أن يخرج وعليه أن يدرس الأسانيد ويحكم ويعرض، ولا يبادر ولا يسرع في النشر للناس، لا، عليه أن يتأنى، يعني مرحلة التمرين شيء لا يمنع منه أحد، بل لا يمكن أن يتخرج طالب الحديث حتى يتمرن على التخريج ودراسة الأسانيد ويعرض على من يثق بعلمه فيسدده، هناك كتاب اسمه (المختار) للضياء المقدسي، وهو كتاب نفيس، وهو كتاب ناقص، طبع منه أكثر من عشرة مجلدات، حق عشرة أو اثني عشر.
يقول: "كان بعض الحفاظ من مشايخنا -وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بلا شك- يرجحه على مستدرك الحاكم" وهو أنظف أسانيد من مستدرك الحاكم، وقد تكلم الشيخ أبو عمرو بن الصلاح على مستدرك الحاكم، فقال: "وواسع الخطو في شرح الصحيح -أو في شرط الصحيح في بعض النسخ- متساهل بالقضاء به فالأولى أن يتوسط في أمره، فما لم يرد فيه تصحيحا لغيره من الأئمة فإن لم يكن صحيحا فهو حسن" هذا رأي ابن الصلاح في جميع الكتب ما عدا الصحيحين، الكتب المعتمدة عند أهل العلم، السنن مثلا يتوسط في أمرها، ما الداعي إلى هذا التوسط؟ الداعي قفل باب الاجتهاد، سد باب الاجتهاد، نقول: ما دام الاجتهاد ما هو ممكن نترك الأحاديث، هذه الأحاديث التي لم ينص على صحتها نتركها، وإلا نتوسط في أمرها ونقول: هي أحاديث حسنة؟ هذا الكلام فيه ما فيه، فكم من حديث لم ينص الأئمة على تصحيحه يبلغ مرتبة الصحيح، وكم من حديث لم ينص الأئمة على ضعفه وهو ضعيف، بل ما سكت عنه أبو داوود مما قرر أهل العلم أنه صالح وحسن، كم من حديث مسكوت عنه وهو صحيح، وكم من حديث مسكوت عنه وهو ضعيف، بل شديد الضعف.
صفحة ٦