163

الإيضاح في علوم البلاغة

محقق

محمد عبد المنعم خفاجي

الناشر

دار الجيل - بيروت

رقم الإصدار

الثالثة

في هذا المظهر صبغ شخصية الجاحظ لهذه الروايات بصبغته، وهضم عقليته لها وإخراجها في أسلوبه الساحر، وفي استطراده الفاتن العجيب وفي سعة تامة وإحاطة كبيرة باللغة والأدب والبيان.

وهي في تعليقه على هذه الروايات والآراء، وفي نقده لها وحكمه عليها، ولن نحصي من ذلك نقده للآراء العامة في الأدب وما يتصل به، مما نراه في تعليقه على رأي الأهتم في الأحنف بن قيس1، وفي موافقته لرأي إياس في حمد إ عجاب الرجل بقوله2، وفي تعليقه على الحكمة القائلة: قيمة كل امرئ ما يحسنه3، وفي ثنائه على كلمة بليغة لمحمد بن علي4، وفي نقده لرأي في تعليل تهيب عمر في خطبة النكاح5، وفي مناقشته لكلمة عن ابن الزبير 6، وفي نقده لمن يستحمق المعلمين ورعاة الغنم7، وفي نقده لرأي من يضع الحبشة مع الأمم العريقة في الثقافة8، وفي نقده رواية خطبة رويت لمعاوية9 إلى آخر ما فيه من التعليق والنقد في هذا الباب. إنما نريد نقده لما يتصل بالبيان من آراء ومذاهب تمس صميم البلاغة العربية، ولا بأس أن نعد بعض هذه التعاليق والنقود.

أنشد خلف الأحمر الجاحظ:

وبعض قريض القوم أولاد علة ... يكد لسان الناطق المتحفظ

فعلق الجاحظ على هذا البيت تعليقا جميلا، فالشعر "إذا كان مستكرها وكانت ألفاظ البيت من الشعر لا يقع بعضها مماثلا لبعض كان بينها من التنافر ما بين أولاد العلات ... وأجود الشعر ما رأيته متلاحم الأجزاء سهل المخارج، فيعلم بذلك أنه أفرد إفراغا جيدا

صفحة ١٦٤