يبدأ بشرحهما فيقول: "يذكر أن الخنساء قالت يوم سويقة رأيتك زمانا ضربا خفيفا وقد تغيرت الآن وأنه أجابها بقوله: أن أصبحت مثقلًا اليوم عندك فإني جلد فيما يحتاج إليه من شدة النفس وقوة الرجال في السفر وعند الخصومة" ثم عرض رأي بعضهم فقال: "وذهب بعضهم إلى أنه أراد أني كنت قبل هذا بهذه الصفة" وعقب عله بقوله: "ولسي في البيت ما يقتضي ذلك فلا حاجة إلى الفزع إليه والأخذ بظاهرة ممكن وهو أمدح".
وهناك أمر ثالث يمكن أن يلحظه القارئ في هذا الشرح وهو قلة الجانب النقدي للنصوص المختارة في الحماسة وهو في هذا يختلف عن المرزوقي فالمرزوقي كثير الاهتمام بهذا الجانب، على نحو ما وضحنا في الكتاب الأول. أما المصنف فغن الجانب النقدي في شرحه قليل لا يكاد يذكر، ومن هذا القليل قوله منتقدًا بيت أعشى ربيعة في سليمان بن عبد الملك:
كلا شافعي سؤاله من ضميره عن البخل ناهيه وبالجود آمره
فقد قال فيه: "يقول لسؤاله له شفيعان من ضميره أحدهما ينهاه عن البخل، وكان حقه ألا يجعله محتاجًا إلى النهر عن البخل".
وفي بيتي نصيب في عمر بن عبد الله الليثي اللذين يقول فيهما:
والله ما يدري امرؤ ذو جناية ولا جار بيت أي يوميك أجود
أيومًا إذا ألفيته ذا يسارة ... فأعطيت عفوًا منك أو يوم تجهد
ذراه ينتقدهما فيقول: "ولا يحسن مدح السادة بمثل هذا، ما تشمئز منه النفوس من ذكر الفقر وإن كان لابد منه".
وفي بيت شريح بن الأحوص الذي يقول فيه مشيرًا إلى طارق ليل أتاه:
2 / 53