شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى
محقق
جمال عزون
الناشر
مكتبة العمرين العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠هـ /١٩٩٩ م
مكان النشر
الشارقة/ الإمارات
قَالَ: " وَقد قيل فِي معنى الخشية أَقْوَال رغبت عَن الإطالة بذكرها ".
قلت:
الْمَعْنى الأول هُوَ المُرَاد صرح بِهِ فِي حَدِيث عبيد بن عُمَيْر قَالَ: قَالَ النَّبِي ﷺ: " وَلم يكن من خلق الله أحد أبْغض إِلَيّ من شَاعِر أَو مَجْنُون، كنت لَا أُطِيق أَن أنظر إِلَيْهِمَا، قَالَ: قلت: إِن الْأَبْعَد - يَعْنِي نَفسه - لشاعر أَو مَجْنُون، لَا تحدث عني قُرَيْش بِهَذَا أبدا، لأعمدن إِلَى حالق من الْجَبَل فأطرحن نَفسِي عَلَيْهِ فلأقتلنها فأستريحن، قَالَ: فَخرجت أُرِيد ذَلِك حَتَّى إِذا كنت فِي وسط الْجَبَل سَمِعت صَوتا من السَّمَاء يَقُول: يَا مُحَمَّد، أَنْت رَسُول الله وَأَنا جِبْرِيل، قَالَ: فَرفعت رَأْسِي إِلَى السَّمَاء أنظر، فَإِذا جِبْرِيل فِي صُورَة رجل صَاف قَدَمَيْهِ فِي أفق السَّمَاء يَقُول: يَا مُحَمَّد، أَنْت رَسُول الله وَأَنا جِبْرِيل، قَالَ: فوقفت أنظر إِلَيْهِ وشغلني ذَلِك عَمَّا أردْت، فَمَا أتقدم وَمَا أتأخر، وَجعلت أصرف وَجْهي فِي آفَاق السَّمَاء فَلَا أنظر فِي نَاحيَة مِنْهَا إِلَّا رَأَيْته كَذَلِك، فَمَا زلت وَاقِفًا مَا أتقدم أَمَامِي وَمَا أرجع ورائي حَتَّى بعثت خَدِيجَة رسلها فِي طلبي، فبلغوا مَكَّة وَرَجَعُوا إِلَيْهَا وَأَنا وَاقِف فِي مَكَاني، ثمَّ انْصَرف عني وانصرفت رَاجعا إِلَى أَهلِي حَتَّى أتيت خَدِيجَة فَجَلَست إِلَى فَخذهَا مضيفا إِلَيْهَا فَقَالَت: يَا أَبَا الْقَاسِم، وَأَيْنَ كنت فوَاللَّه لقد بعثت رُسُلِي فِي طَلَبك حَتَّى بلغُوا مَكَّة وَرَجَعُوا إِلَيّ، قلت: إِن
1 / 134