شرح غرامي صحيح - ابن عبد الهادي - ت الحفيان
محقق
عمر بن سليمان الحفيان
الناشر
دار الفلاح - الفيوم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
بُرهانٌ، والصَّبرُ ضِياءٌ» (^١). ومَنْ معه نورٌ وبُرهان وضِياء؛ كيفَ لا يعرفُ حقائقَ الأشياء مِنْ فحوى كلامِ أصحابها؛ ولا سيَّما الأحاديث النبويَّة؟ فإِنَّه يعرفُ ذلك معرفةً تامّةً؛ لأنه قاصدٌ العملَ بها، فتتساعد في حَقِّهِ هذه الأشياء مع الاقتداء ومحبَّةِ اللهِ ورسولِهِ، حتى إِنَّ المُحبَّ يعرِفُ مِنْ فحوى كلام محبُوبه مرادَه منه تلويحًا لا تصريحًا.
والعينُ تعرف مِنْ عَيني محدِّثها … إِنْ كان مِنْ حزبها أو من أعاديها
وكما قيل (^٢):
إِنارةُ العقلِ مكسوفٌ بطوع هوًى … وعقلُ عاصي الهوى يزداد تنويرا
وفي الحديث الصحيح: «لا يزالُ عبدي يتقرَّبُ إِليَّ بالنَّوافِلِ حتى أُحِبَّه، فإِذا أحببتُهُ كنت سَمْعَهُ الذي يسمعُ به، وبصرَهُ الذي يُبصِرُ به، ويدَهُ التي يبطِشُ بها، ورِجْلَهُ التي يمشي بها» (^٣). ومَن كان توفيق (^٤) الله له كذلك، فكيف لا يكون ذا بصيرةٍ نافذةٍ، ونَفْسٍ فعَّالة.
وإِذا كان الإِثمُ والبِرُّ في صُدور الخَلْقِ له تردُّدٌ وجَولان، فكيف حالُ مَنِ اللهُ سمعُه وبصرُه، وهو في قلبِهِ. وقد قال ابنُ مسعود: الإِثمُ حَواز (^٥)
_________
(^١) رواه مسلم (٢٢٣) من حديث أبي مالك الأشعري.
(^٢) «كما قيل» ليست في الأصل، واستدركت من (ك).
(^٣) رواه البخاري (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة.
(^٤) في الأصل: «يوفق». والمثبت من (ك).
(^٥) بفتح الحاء المهملة، وتشديد الواو، وهو ما يحوزها ويغلب عليها حتى ترتكب ما لا يحسن.
وقيل: بتخفيف الواو، وتشديد الزاي، جمع حازّة، وهي الأمور التي =
1 / 60