شرح فصول أبقراط
تصانيف
(81) : قال جالينوس: الخمر من شأنه أن يملأ العصب سريعا لأنه * بطبعه (82) حار. وإذا كان طبعه كذلك فهو غواص في كل شيء لا سيما متى كان لطيف القوام فهو بكثرة حجمه يحدث في PageVW1P132B العصب تشنجا، إلا أنه بكيفيته يصلح ما أفسده في العصب بكميته. فمتى لم يقدر على أن يفعل ذلك فيجب ضرورة أن يلحق شاربه التشنج الحادث منه الموت. والقوى التي في الخمر التي يشفى بها التشنج قد * تشفيه (83) بها الحمى لأن هذه الحمى تسخن ولا تجفف لأنها تحدث عن سخونة الشراب غير انا ينبغي لنا أن نعلم * هل (84) أبقراط ينسب جميع من يغمى عليه إلى السكات أو المراد بمن يغمى * عليه (85) أن يعدم بدنه كله الحس والحركة، ولا شك أن ذلك إنما يعرض عن حصول الآفة في أصل العصب الذي هو الدماغ إما ابتداء أو بواسطة. قال: وأما قوله «أو يتكلم في الساعة التي ينحل فيها خماره»، معنى الساعة الوقت، وليس ذلك الوقت بمحدود لجميع الناس بمقدار واحد. فإن من الناس من يسكن خماره في غد اليوم الذي شرب فيه، ومنهم من يسكن خماره عنه في الليلة التي تتلوه، ومنهم من يسكن عنه في اليوم الثالث. وذلك بحسب كثرة الشراب وقلته وقوته وضعفه وطبيعة شاربه كحال الغذاء في استمرائه، فإنه ليس للهضم حد محدود في جميع الناس. قال: وإذا كان كذلك فينبغي أن يكون الممتحن لذلك خبيرا بطبيعة صاحب * هذا (86) الحال، أي الوقت الذي جرت عادته أن ينحل فيه خماره. هذا خلاصة ما ذكره وهو في غاية الحسن غير أنه لم يبين كيفية حدوث الحمى. وقد ذكر * ذلك (87) ابن ابي صادق. * قال (88) : وذلك لشدة مجاهدة الطبيعة لمقاومة المؤذي. والله أعلم.
6
[aphorism]
قال أبقراط: من اعتراه التمدد فإنه يهلك في أربعة أيام، فإن جاوزها فإنه يبرأ.
[commentary]
الشرح هاهنا بحثان.
البحث الأول
في الصلة،: وهو أنه لما كان التمدد تشنجا مضاعفا أي من جهتين متقابلتين، ذكره * بذكر (89) التشنج البسيط الذي هو تشنج واحد أي إلى جهة واحدة. والتمدد علة عصبية تمنع الأعضاء العصبية من الانقباض كما أن التشنج علة عصبية تمنع الأعضاء من الانبساط. ومن هذا يعلم أنه ضد PageVW5P197B التشنج لأنه قد حصل معه ضد ما حصل مع التشنج، ولذلك صار بحرانه وانقضاؤه يكون بسرعة إذا كانت الطبيعة لا تحتمل مقاومته مدة طويلة فصار يأتي في أول دور من أدوار البحران وهو اليوم الرابع. وذلك إما إلى جانب السلامة أو إلى جانب العطب. * (90)
البحث الثاني:
التشنج والتمدد يكونان عن امتلاء وعن استفراغ. وأما وجه الاختلاف فثلاثة: أحدها أن التشنج يبتدئ بحركة والتمدد بسكون على ما ستعرفه. وثانيها من جهة وقوع ا لمادة، فإن المادة وقوعها لإيجاب التمدد بخلاف وقوعها لإيجاب التشنج وهو أنها في خلل الليف ثم جمدت وبقيت على الصلابة فيعسر رجوعها إلى الانقباض ويكون وقوعها دفعة فتملأ خلل الأعضاء من غير أن تختلف نسبتها إلى نسبة الليف بل وقعت على امتداد الليف من غير أن نقصت من الطول، وذلك بميلها * للفرج (91) . وأما في التشنج فإن المادة الفاعلة له مختلفة الوقوع في خلل الليف غير نافذة فيه نفوذا متشابها ولا نفوذا كثيرا، ولذلك صار نقصانها للطول نقصانا محسوسا. ولأجل هذا قلنا إن التشنج يبتدئ بالحركة * والتمدد (92) بالسكون فوقوع مادة التمدد على هيئة وقوع مادة الاسترخاء لكن الفرق بينهما أن مادة التمدد جامدة ومادة الاسترخاء رقيقة مرخية. والذي يفهم مما ذكرنا أن التمدد PageVW5P125A الامتلائي أردأ من التشنج الامتلائي. وأما الاستفراغي فبالعكس وهو أن الاستفراغ لما حصل في الأعضاء المذكورة لحدوث التمدد نقصت عرضا بانحلال الرطوبات وازدادت لذلك طولا وانقبضت المنافذ وتعذر النفوذ على القوة المحركة ونقلها إلى القبض. وأما في التشنج الاستفراغي فإن النقصان حصل في الطول والعرض معا، فلذلك كان التشنج الاستفراغي أردأ من التمدد الاستفراغي. وثالثها أن التمدد كثيرا ما يكون عن الريح والتشنج قلما يكون عنه، وذلك لأن الريح نفاذة مداخلة لخلل الليف فميلها لها أنسب من ميلها * لبعضها (93) دون بعض. والله أعلم.
صفحة غير معروفة