شرح فصول أبقراط
تصانيف
البحث الأول
في صلة هذا * الفصل (788) بما قبله: اعلم أن الأوقات التي يمنع فيها الغذاء على نوعين، كلية وجزئية. فالكلية قد تقدم الكلام فيها، وهي منتهى الأمراض. والجزئية هي وقت * النوائب (789) سواء كانت * النوائب (790) في المنتهى أو في غيره من أوقات المرض. فتكلم أولا في الوقت الكلي ثم أتبعه بالوقت الجزئي فتم له * حينئذ (791) بذلك حصر أوقات منع الغذاء * ولذا (792) قال «فامنع من الغذاء أيضا» * أي (793) كما منعت في الكلي.
البحث الثاني
في تحقيق القول في ماهية الحمى. البدن الإنساني في * حال (794) حياته عند وجود صحته فيه حراراتان. أحدهما تفاض عليه عند * فياض (795) نفسه الناطقة، وتسمى «غريزية». والآخرى حاصلة فيه عند اجتماع بسائطه * وتسمى (796) استقصية. وهذه غير تلك من وجهين. أحدهما أن الغريزية مقومة لوجوده. وهذه لماهيته. وثانيهما أن الغريزية تفارقه عند موته والاستقصية باقية بعد ذلك. * وأما عند (797) وجود مرضه * ففيه (798) تانك الحرارتان. وأخرى حاصلة عند اجتماع فضلالته في بدنه. فإن مثل هذه الفضلات متى اجتمعت، حصل فيها حالة بها يستعد لقبول حرارة أخرى غير بينك الحرارتين. ويدل عليها حال الفضلات عند اجتماعها في الخارج كالزبل وما يجري مجراه. فإنه عند تراكم بعضه على بعض يسخن ثم يعفن ثم تشتعل فيه نار ثم يترمد. وهذه الحرارة PageVW5P019A غير الغريزية من وجهين. أحدهما أن تلك مضرة بالأفعال والغريزية غير مضرة. * وثانيهما أن تلك (799) معدومة عند وجود الصحة والغريزية موجودة. * وهي (800) غير الاستقصية من وجهين. أحدهما أن الاستقصية موجودة في حال الصحة وهذه معدومة. وثانيهما أن * مدة (801) الاستقصية باقية ببقاء البدن * وهذه (802) معدومة في حال موته. وسنوضح الكلام في مثل هذه المطالب أيضاحا شافيا فيما بعد من هذا الكتاب عند شرحنا لقول أبقراط ما كان من الأبدان في النشوء، فمثل هذه الحرارة المذكورة إذا حصلت في أي عضو كان، فإنها تتصل بالقلب * بواسطة (803) الشرايين ثم تسري منه فيها إلى جميع البدن وحينئذ PageVW1P055B تسمى «حمى». وكيفية اتصالها على وجهين. إما بالمشاركة وإما بالمحاورة. أما بالمشاركة فهو عند ما يكون في العضو ذي العفونة شريان فتسري هي وما بحملها من الأجزاء العفنة إلى حين تصل إلى القلب، ثم ينفذ فيه عند إفتاح * معلق (804) المجاري النابتة منه على ما عرفت في التسريح. وأما بالمجاورة * فهو (805) عند ما يكون محل العفونة خاليا من الشرايين. فإنه * قد (806) عرف بالتشريح أن في البدن مواضع خالية منها. فمتى * حصلت هذه الحرارة المذكورة في هذه المواضع (807) ، اتصلت بما يحاورها وما يحاورها لا بد أن يكون فيه * شرايين (808) * ثم يمر فيها (809) * وينفذ (810) * فيها (811) إلى القلب. وهذه الحرارة لا تصل إلى القلب بذاتها لاستحالة الانتقال على الأعراض بذواتها، بل لا بد أن يسري معها شيء من المادة العفنة لكن لطيفها. فهذا هو تحقيق القول في ماهية الحمى.
البحث الثالث
في حد الحمى: الحمى حرارة غريبة * تتصل (812) * بالقلب (813) ثم تنبعث منه في العروق الضوارب بواسطة الروح إلى جميع البدن مضرة بالأفعال الطبيعية ضررا أوليا. فمطلق الحرارة جنس لما ذكرنا. وقولنا «غريبة» تمييز لها عن الفلكية والاستقصية. أما الأول فذلك ظاهر * فيها (814) . وأما * الثانية (815) * فلأنها (816) ليست بغريبة * أيضا (817) لأنها ليست مضرة بالأفعال وموجودة في حال االصحة. وقولنا «تنبعث من القلب» تمييز لها عن الحرارة الغريبة * الكائنة في عضو واحد ولم تبلغ أن تستولي على البدن كله كالحرارة الغريبة (818) الموجبة للصداع الاحتراقي. * وقولنا (819) «في العروق الضوارب» تمييز للحمى عن الطاعون الحاصل عن إدفاع مادة عفنة من القلب إلى تحت الأبطين. وقولنا «بواسطة الروح» وذلك لأن الحرارة عرض والعرض يستحيل الانتقال عليه بذاته بل بمحله. وقولنا «مضرة بالأفعال» تمييز لها عن الحرارة الغريبة المنبعثة * عن (820) القلب التي لم تضر بالأفعال مثل الحرارة الحاصلة عند حدوث الغعصب إذا لم * يقو (821) * على إيجاب (822) حمى. وقولنا «الطبيعية» أي الطبيعة المدبرة للبدن. وقولنا «ضررا أوليا» تمييز لها عن نفسها. واعلم أن ابن رشد قد علمها عرفها بتعريف آخر قد أبطلناه في شرحنا الكليات في القانون. وكذلك في هذا الموضع مباحث * أخر قد ذكرناها في ذلك الكتاب (823) لا يليق ذكرها هاهنا.
البحث الرابع
في تقسيم الحمى: * قال (824) الأطباء الحمى تنقسم أولا إلى قسمين بسيطة ومركبة. والبسيطة تنقسم إلى ثلاثة أقسام دقية وعفنية وروحية. والدقية تنقسم إلى ثلاثة أقسام دق بقول مطلق ودبولية ومفتتة. والعفنية تنقسم إلى حمى مرض وحمى غرض. فالغرضية مثل حمى الأورام. والمرضية إلى PageVW5P020A لازمة وإلى مفترة. واللازمةة أربعة: دموية وصفراوية وبلغمية وسوداوية. والدموية إلى نوعين غليانية وهي المسماة عند الأطباء * سونوخس (825) وعفنية * ومدة (826) وهي إلى ثلاثة أنواع: * متزيدة (827) * ومنقصة (828) ومتساوية. والصفراوية إلى * محرقة وغب دائمة (829) ، والبلغمية * إلى (830) ثلاثة أنواع اللثقة * وهذه (831) إلى * الخالصة (832) وغير * الحالصة (833) والنهارية واليلية. والسوداوية إلى أربعة أنواع السوداوية مطلقا والخمس والسدس والسبع. والمفترة إلى ثلاثة أنواع صفراوية وبلغمية وسوداوية. وكل واحد من هذه إلى * خالص (834) وغير * خالص (835) ، * والخالص (836) من الحميات الصفراوية أقصر مدة من غير * الخالص (837) . وباقي الحميات بعكس هذا * اللهم إلا (838) أن يكون المخالط بعضها لبعض. والروحية تنقسم ثلاثة أقسام. فإن الأرواح ثلاثة: * طبيعية (839) ، وتخصها سبعة: التحمية والجوعية والعطشية والاستحصافية والقشفية والورمية والسددية؛ والحيوانية وتخصها أيضا * سبعة (840) : الهمية والغمية والعصبية والفرحية والفزعية والحجلية؛ والنفسانية وتخصها * ستة (841) : الفكرية والسهرية والنومية والوجعية والتعبية والراحية. * فيكون جملتها عشرون قسما. وأما الحميات المركبة فتنقسم إلى قسمين. أحدهما ينقسم إلى أربعة أقسام. أحدها تركيب جنسين متباعدين كحمى الدق مع العفونة. والثاني تركيب جنسين متقاربين كالغب مع الثانية. والثالث تركيب نوعين كالغب مع الدائرة مع الغب الدائمة. والرابع تركيب صنفين كغبين دائرتين أو دائمتين. والقسم الثاني ينقسم إلى ثلاثة أقسام. أحدها تركيب مبادلة وهو أن تنوب الثانية عند انفصال الأولى. والثاني تركيب مداخلة وهو أن تنوب الثانية قبل انفصال الأولى. والثالث تركيب مشابكة وهو أن تنوبا معا. قال بعضهم «ويفارقا معا». أقول: هذا لا يتصور لأن المادة إن كانت مختلفة، ففساد ذلك ظاهر. وإن كانت من نوع واحد كالصفراء مثلا، فالحميات الحادثتان عنها إن كانت مادتها داخل العروق، فهما في الظاهر حمى واحدة لا حماتان (842) لأنهما * تأتيان (843) معا فارقتا معا. ولذلك إن كانت مادتهما خارج العروق وإن كانت مادة أحدهما داخل العروق والأخرى خارجها، ففساد ذلك أيضا ظاهر. فإن التي داخل العروق تكون بنوبتها طويلة بالنسبة إلى التي خارجها. فإن الصفراوية الخارجة إذا انقضت في الرابع، انقضت الداخلة في السابع. إذا عرفت هذا، فنتكلم في الحميات الحادة. نقول أولا إن أريد بالحاد القصير المدة، فحمى يوم حادة. وإن أريد إلا ما كان كذلك وكان شديد الخطر، لم تكن حمى يوم حادة. فعلى التقدير الأول يكون الحميات الحادة على نوعين: خلطية وروحية. والخلطية على نوعين: صفراوية ودموية. وعلى التقدير الثاني تكون الحميات PageVW5P020A الحادة على نوعين: دموية وصفراوية. والدموية على نوعين: عفنية وغير عفنية. والعفنية هي المسماة عند الأطبأء بالمطبقة. وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: متزيدة ومتنقصة ومتساوية. قال الأطباء وذلمك لأن الدم المتعفن لا يخلو إما أن يكون مساويا للمتحلل منه أو أزيد أو أنقص. فإن كان الأول، فهي الحمى المسماة بالمتساوية. وإن كان الثاني، فهي المتزيدة. وإن كان الثالث، فهي المتنقصة. قالوا: والعلة في ذلك من وجوه ثلاثة. أحدها من جهة الهيئة البدنية. وثانيها من جهة القوة المدبرة للبدن وثالثها من جهة المادة . أما الأول فإنه متى كانت السخنة متخلخلة، كان التحلل من المادة أكثر من المتعفن وكانت الحمى متنقصة. ومتى كانت متكاثفة، كان الأمر بالعكس. فكانت الحمى متزيدة. ومتى كانت معتدلة في ذلك، كانت الحمى متساوية. وأما أمر القوة فإنها متى كانت قوية بادرت إلى تحليل المتعفن ودبت عن غير المتعفن، فكانت الحمى منتقصة. ومتى كانت ضعيفة، كان حال المادة بالعكس وكانت المادة متزيدة. ومتى كان حالها متوسطا بين ذلك، كان الحمى كتوسطة. وأما أمر المادة فإن الدم متى كان كثيرا وكان قابلا للعفن ثم عفن حر منه، سرت العفونة إلى جميع أجزائه، وكان المعفن أكثر من المتحلل، فكانت الحمى متزيدة. ومتى كان حالها بضد ذلك، كانت الحمى منتفضة. ومتى كان متوسطا بين ذلك، كانت الحمى متساوية. والعلة في اختصاص الحمى الدموية بذلك اجتماع سمى العفن في الدم وهما القابل والفاعل. فالفاعل متى كان مساويا للقابل في قبوله، كان المتعفن مساويا للمتحلل، فكانت الحمى متساوية. ومتى كان الفاعل في فعله أقوى من القابل في قبوله، كان المتحلل أكثر من المتعفن، فكانت الحمى منتقضة. ومتى كان الأمر بالعكس كانت متزيدة. واعلم أن الأطباء مختلفون في الدم إذا عفن: هل يتغير عن صورته الدموية أو يبقى على ما هو عليه؟ ذهب الفاضل جالينوس إلى أنه إذا عفن، صار لطيفة صفراء وكثيفة سوداء، وتكون الحمى الحادثة عنه من قبل الحميات الصفراوية على ما صرح في كتابه المعنون بالحميات وعينا تلك المواضع المنقولة عنه في شرحنا لكليات القانون. ووافقه على ذلك من المتأخرين القاضي أبو الواليد بن رشد. وذهب الإمام أبقراط إلى أنه إذا عفن لم يتغير عن صورته الدموية البتة. وواقفه على ذلك من المتأخرين الشيخ الرئيس وصاحب الكامل وابن أبي صادق. واستدل جالينوس على صحة ما ذهب إليه بوجه وهو أن ذات الجنب إذا كانت عن مادة دموية، يراها يشتد غبا. فلو لم يكن الدم، انتقل إلى طبيعة الصفراء. وإلا، كيف صار ينوب غبا؟ والدليل على كون المادة الموجبة لذلك دموية حمرة لون الثقب. واعلم أن الحق في هذه المسئلة مع الإمام أبقراط وشيعته. قال الشيخ الرئيس في الكتاب الرابع من القانون حيث تكلم في حميات العفن: «هذا القول من الفاضل جالينوس مخالف للحق ولكلام أبقراط». فجعل الشيخ كلام أبقراط عديلا للحق. والدليل على ذلك من وجوه أربعة. أحدها ما ذكره الشيخ في الموضع المذكور وهو أن صيرورة الدم صفراء لا يخلو إما أن تكون في حال العفن أو بعده. فإن كان الأول، فهو باطل لأن العفن استحالة وهي كحركة وكل حركة فهي محتاجة إلى زمان ومن المستحيل PageVW5P020B أن يصير صفراء في زمان الاستحالة. بل إن كان ولا بد، فلا يكون كذلك إلا بعد الاستحالة. وإن كان الثاني وهو أن يصير صفراء هذا العفن، فهو أيضا باطل. وذلك أنه إذا عفن وصار لطيفة صفراء وكثيفة سوداء، لا يلزم أن يكونا عفنين، * إذ (844) لو لزم ذلك، يحصل أيضا عن السوداء حمى. فيكون هناك حميات صفراوية وسوداوية لا صفراوية فقط. بل نقول لا يلزم أن يكون من العفن ما هو عفن، فإنه قد يحصل من العفن ما هو خال من العفن كما يتولد من العفونات حيوانات صحيحة تامة التركيب في نوعها. وثانيها لو صار الدم عند عفنه صفراء لنابت نوائبها والوجود بخالفه. فإنا قد نرى المطبقة مستمرة الأخذ في نوائبها. وما ذكره الفاضل جالينوس من أمر ذات الجنب قال الأطباء: أكثر ما يكون ذات الجنب عن مادة صفراوية لطيفة أيضا، وذلك لصفافة الغشاء الذي هو محل الورم. فلا ينفذ فيه إلأ اللطيف من الأخلاط. وإن حصل ذلك عن دم فيكون نادرا ويكون قد خالطه مع ذلك صفراء تنفذه وتداخله في خلل العضو المذكور. وأما استدلاله بحمرة لون النفث على أن المادة دموية، فتقول: ولون الصفراء أيضا أحمر، فإن كان قد خالطها دم، فيكون فانيا، وإن كانت بمفردها فيكون ناصعا. وثالثها أنه لو صار الدم عند عفنه صفراء، لكانت أعراضه عند ذلك أعراض الصفراء عند عفنها، والوجود يخالفه. فإن القارورة فيها حمرة فانية كدرة القوام وطعم الفم حلو ولون السخنة شديد الحمرة إلا أن الفم يصير مرا والقارورة فيها حدة ولونها أصفر وغير ذلك من أعراض الصفراء. ورابعها لو صار الدم عند عفنه صفراء، لكانت مداواة حماه مداواة الحمى الصفراوية والوجود يخالفه. فإن الدموية تعالج بالفصد. قال جالينوس إني نحرته بذلك نحرا. وإن فصدنا، فذلك لإخراج شيء منها مع الدم وما يبرد ويرطب، هذا أمر الحمى الدموية العفنية. وأما الحمى الدموية الغليانية وهي المسماة عند الأطباء «سونوخس»، فجالينوس روى أنها من قبل حمى يوم. قال «وذلك لأنها خالية من العفن». والحق أنها غير حمى يوم وغير حمى عفن وغير حمى دق. أما أنها غير حمى يوم، فمن وجوه ستة. أحدها أن حمى * يوم (845) في الأكثر * تفارق (846) في يوم واحد. * ولذلك (847) سميت بهذا الاسم، * وسونوخس (848) يمتد إلى سبعة أيام. * وثانيها (849) أن حمى يوم * تفارق (850) في * واحد (851) * بغير (852) استفراغ محسوس * وسونوخس (853) * لا بد في علاجها من (854) الاستفراغ * ثم (855) تبديل المزاج. * وثالثها (856) أن حمى يوم لا * يحصل (857) فيها * من اختلاف النبض ما يعيد به (858) * وسونوخس يؤخذ فيها ذلك ظاهرا (859) . * ورابعها أن حمى يوم متعلقة بالأرواح وسونوخس متعلقة بالدم. وخامسها أن حمى يوم لا يتغير فيها السخنة لا في لونها ولا في ملمسها تغييرا يعيد به وسونوحس لا بد من حصول ذلك فيها. وسادسها أن البول في حمى يوم كما هو في حال الصحة أو فيه ميل إلى الاترجية وفي سونوحس مائل إلى حمرة ظاهرة. وربما كان فيه كدورة (860) . * وأما أنها غير حمى عفن فمن وجوه ثلاثة (861) . * أحدها أن سونوخس خالية من العفن بخلاف حمى العفن (862) . * وثانيها أن سونوخس لا يحتاج فيها إلى تواتر الإسهال كما يحتاج إليه حمى العفن. وثالثها لا تكون القارورة فيها مملئة كما هي في خمى العفن (863) . وأما أنها * غير (864) حمى دق * فمن وجوه (865) * ثمانية (866) . PageVW5P021A أحدها أن * النبض في سونوخس موخي لرطوبة المادة وفي الدق صلب دقيق. وثانيها أن البول في سونوحس يكون قانيا وربما كان ناصعا كدرا غليظا وفي حمى الدق يكون صافيا وربما كان دهينا. وثالثها أن الحرارة في سونوخس تستمر على حالة واحدة وفي الدق تشتد بعد أخذ الغذاء على ما ستعرفه في المقالة الثالثة في شرح قوله الخريف لأصحاب السل رديء. ورابعها أنذ سونوخس ينقضي في سبعة أيام والدق يمتد زمانا طويلا (867) . وخامسها أن سونوخس يحتاج في علاجها إلى الفصد ثم تبديل المزاج والدق من حيث هي دق لا يحتاج إلى تبديل المزاج. وسادسها أن سونوخس تكون فيها السخنة ممتلئة منتفخة وفي الدق نحيفة منخرطة. وسابعها أن سونوخس متعلقة بالأخلاط والدق متعلقة بالأعضاء. وثامنها أن سونوخس الحرارة فيها تائرة قوية وفي الدق هادئة ساكنة إلأ بعد الغذاء لما * ستعرفه (868) . * والحق أنها من قبل الحميات الخلطية غير أن الأطباء إذا قسموا الحميات على وجه كانت أقسامها ثلاثة. أما الوجه الأول فهو أن يقال الحميات روحية وخلطية ودقية. وأما الوجه االثاني فهو أن يقال الحميات روحية وعفنية وعليانية ودقية، فتكون أربعة أقسام. ولكل واحد من الوجهين. أمأ الأول فيقال الحميات إما أن تكون مادتها ذات قوام أو لا يكون. فإن كان الثاني، فهي حمى يوم. وإن كان الأول، فتلك المادة إما سيالة أو جامدة. فإن كان الأول، فهي حمى خلط. وإن كان الثاني، فهي حمى دق. وأما الوجه الثاني (869) * فيقال (870) الحمى لا تخلو إما أن تكون متعلقة بالأعضاء أو لا تكون. فإن * كان الأول (871) ، فهي حمى الدق. وإن * كان الثاني (872) ، فلا يخلو إما أن يكون معها عفن أو لا يكون * معها عفن (873) . فإن كان * الأول (874) ، فهي حمى * العفن (875) . وإن * كان الثاني (876) ، فلا يخلو إما أن يكون * لمادتها (877) قوام أو لا يكون. فإن كان الأول، فهي سونوخس. وإن كان الثاني، فهي حمى يوم. * وأما الحميات الصفراوية فتنقسم إلى دائمة، وهي التي تكون مادتها داخل العروق، وإلى مفترة وهي التي تكون مادتهما خارج العروق. وتلك المواضع هي فرج الأعضاء. وكل واحد منها ينقسم إلى خالص وغير خالص. فالدائمة الخالصة إن كانت مادتهما قريبة من القلب، سميت الحمى المحرقة. وذكر أبقراط في أبيدميا أن هذه أيضا تحدث عن بلغم مالح، وكذلك جالينوس في تفسير المقالة الثالثة من الأمراض الحادة لأبقراط. ومعنى قولنا «خالصة» أي تكون مادتهما صفراوية فقط لا يخالطها بلغم؛ والغير الخالصة وهي أن يخالطها بلغم اختلاط اتحاد. وهذه الحمى تكون طويلة المدة. وقولنا «اختلاط اتحاد» لتمييز الغب غير الخالصة عن شرط الغب. فإن مخالطة البلغم للصفراء في سطر الغب تمييز لا اختلاط اتحاد. وهو ينقسم إلى أربعة أقسام. أول تم يتفرع إلى إثني عشر قسما. وذلك لأن البلغم إما أن يكون يكون داخل العروق والصفراء خارجها أو بالعكس وإما أن يكونا داخل العروق أو خارجها. وكل واحد من هذه، أما أن يكون البلغم فيه مساويا للصفراء في المقدار أو أزيد أو أنقص. فتبلغ الأقسام عند ذلك إلى إثني عشر قسما. والمسمى بالخالص منها هو الأول من الأربعة. والعلامة الخاصة بهذا النوع أن تكون إحدى النوبتين أقوى من الأخرى. وذلك لاجتماع نوبة الصفراء مع نوبة البلغم الدائمة (878) .
البحث الخامس
في معنى الدور. الدور عند الأطباء عبارة PageVW5P022A عن زمان الأخذ والترك. ثم هذا القدر يختلف باختلاف المادة الموجبة * لها (879) . فزمان أخذ السوداوية أربع وعشرون ساعة وتركها * ثمان (880) * وأربعون (881) ساعة. فيكون الدور الواحد من أدوارها * اثنان وسبعون (882) ساعة. والبلغمية أخذها ثمانية عشر ساعة وتركها ست ساعات. فيكون دورها أربعة * وعشرون (883) ساعة. والصفراوية أخذها * إثنتا (884) * عشرة (885) ساعة وتركها * ست ثلاثون (886) ساعة. فيكون دورها * ثمان وأربعون (887) ساعة. واعلم أن الحكم * في مدة (888) الحميات المذكورة بحسب الأكثر وغالب الأحوال. وإلا فقد تنوب * الصفراوية (889) * ست ساعات (890) وأكثر من ذلك. * وكذلك (891) الكلام في * السوداوية والبلغمية (892) .
صفحة غير معروفة