شرح فصول أبقراط
تصانيف
في معنى قوله «أحد وأقتل»: أما الأول فلقلة المادة ،وذلك بسبب تحليل * حر (488) الصيف المتقدم وتفتيحه لمسام البدن فتكون المادة الحاصلة فيه قليلة. وقد علمت أن المادة متى كانت قليلة كان ما يحدث عنها من الأمراض * قصير (489) المدة هذا إن فهمنا من الحدة المقابل * لزمانه (490) . وأما إن فهمنا منها شدة الناكية واللذع فذلك ظاهر فيه، فإن مادة الخريف يابسة لسبق حر الصيف المحرق لها ولخصوصية * الخريف (491) في * توليد (492) السوداء، والمادة متى كانت يابسة كانت الحرارة المتعلقة بها * حارة (493) لذاعة على ما عرفت في الأسنان. وأما الثاني الذي هو أقتل فذلك لوجهين: أحدهما لضعف القوى البدنية فيه، وذلك لتحليل حر الصيف لها؛ وثانيهما تحير الطبيعة في فعلها * من (494) إنضاج مواد البدن ودفعها لها، وذلك لاختلاف هوائه في الحر والبرد، فإنه عند كونه حارا تروم الطبيعة تحليلها والاستيلاء عليها، فإذا انتقل إلى البرد انعكس الأمر. والواجب أن يقال مع ذلك وأكثر، وذلك لوجهين: أحدهما لكثرة الفواكه * المستعملة (495) فيه؛ وثانيهما لاختلاف الهواء فيه وانتقال * اليابس (496) فيه من حر إلى * برد (497) بالعكس.
البحث الثالث
في فائدة قوله «في أكثر الأمر»: وذلك لأنه من المحتمل أن يقع في الخريف أمطار تصلح يبوسته أو تكون بعض * البلاد (498) كثيرة المياه فمثل هذه البلدة يكون خريفها قليل الأمطار أو يكون آتيا على أشخاص رطبي المزاج إما بالطبع كالنساء والصبيان وإما * بالاكتساب (499) كمن يدمن التدبير المرطب من الأغذية والأشربة وغيرهما فأمثال * هؤلاء (500) الأشخاص إذا PageVW1P078B أتى عليهم * الخريف (501) أصلح أمزجتهم وقوي قوامهم باعتدال ذلك.
البحث الرابع:
PageVW5P141A قوله «وأما الربيع فأصح الأوقات * وأقلها (502) موتا»: اما الأول فلاعتدال مزاجه على ما عرفت والاعتدال مناسب للقوى والمناسب للشيء من شأنه أن يقويه ويعضده فهو لاعتداله يصحح الأبدان ويقويها. وأما الثاني فلإتيانه على الأبدان وهي متوفرة القوى والحرارة الغريزية وحرارته الآتية بعد ذلك حرارة لطيفة بخارية.
البحث الخامس
لقائل أن يقول إن حكم الخريف فيما يوجبه كحكم الربيع، وذلك لأن الحكم * على (503) الخريف بذلك إما أن يكون بالنظر إلى ذاته وإما أن يكون بالنظر إلى ما قبله، فإن كان الأول فهو إذا اعتبر من حيث هو هو كان حاله في الاعتدال بين الحرارة والبرودة كحال الربيع في ذلك، وإن كان الثاني فنقول كما أنه يتخلف في * الأبدان (504) عن الصيف مواد رديئة حارة يابسة محترقة ويحبسها برد الخريف فكذلك الربيع فإنه يأتي على الأبدان وقد تخلف * فيها (505) * عن (506) * الشتاء (507) فضلات كثيرة غليظة فجة أكثر من فضلات الصيف، فإذا أتاها حر الربيع الضعيف سيلها ولم يقدر على تحليلها، وربما مالت إلى المخانق أو بعض الأعضاء الرئيسة أو الشريفة وسدت بعض المجاري، أو مالت إلى بعض التجاويف فسدتها سدا تاما أو ناقصا، وإذا كان كذلك فليس الحكم على الخريف بالرداءة من هذا أولى من الحكم على الربيع بذلك: والجواب عن هذا من وجهين: أحدهما أن الأبدان في كل واحد من الفصلين مستعدة للوقوع فيما تحدثه المواد المختلفة عن الفصل الماضي من الأمراض غير أن الاستعدادين متغائرين، فإن استعدادها في الخريف للوقوع في الأمراض الحادة أشد منه في الربيع، واستعدادها * في (508) الربيع للوقوع في الأمراض المزمنة أشد منه في الخريف، والأمراض الحادة أقتل من الأمراض المزمنة في الأكثر. وذلك * أنك (509) قد علمت أن خروج المادة عن الصلاحتها في الكيفية أذيتها بالقوة أشد من أذيتها بالأوعية، فلذلك حكم أبقراط على الأمراض الحادثة في الخريف بأنها أحد وأقتل. الثاني أن حكمه على الربيع بالصحة ليس ذلك مطلقا بل بالإضافة إلى قلة الموت أي أن الأمراض الحادثة في * الربيع (510) أسلم في الأكثر من الأمراض * الواقعة (511) في الخريف، وذلك لإتيان الربيع على * الأبدان (512) وقواة متوفرة، وكذلك حرارته الغريزية بخلاف الخريف. والله أعلم.
10
[aphorism]
قال أبقراط: الخريف لأصحاب السل رديء.
صفحة غير معروفة