شرح فتح القدير
الناشر
دار الفكر
رقم الإصدار
الثانية
مكان النشر
بيروت
وقولنا النجاسة في محلها لا يعطى لها حكم النجاسة حتى لو صلى حامل فأرة حية جازت لا ميتة لانصاب الدم عن مجراه بالموت ولذا لو قطع عرق لا يخرج منه الدم ليس المراد به مثل هذا قوله والضفدع البحرى هو ما يكون بين أصابعه سترة بخلاف البرى قوله لوجود الدم إن ثبت هذا فينبغى أن لا يتردد في أنه مفسد وفي التجنيس لو كان للضفدع دم سائل يفسد أيضا ومثله لو ماتت حية برية لا دم فيها في إناء لا ينجس وإن كان فيها دم ينجس قوله والماء المستعمل تتعلق به مباحث في حكمه وصفته وسبب ثبوتها له ووقت ذلك قدم الأول لأنه أهم وأما الثانى فقد أثبت به مشايخ ما وراء النهر الخلاف بين أصحابنا واختلاف الرواية فالحسن عن أبى حنيفة مغلظ النجاسة وأبو يوسف عنه مخففها ومحمد عنه طاهر غير طهور وكل أخذ بما رواه
وقال مشايخ العراق إنه طاهر عند أصحابنا
واختار المحققون من مشايخ ما وراء النهر طهارته وعليه الفتوى وهذا لأن المعلوم من جهة الشارع أن الآلة التي تسقط الفرض وتقام بها القربة تتدنس وأما الحكم بنجاسة العين شرعا فلا ذلك لأن أصله مال الزكاة تدنس بإسقاط الفرض حتى جعل من الأوساخ في لفظه صلى الله عليه وسلم فحرم على من شرف بقرابنه الناصرة ولم تصل مع هذا إلى النجاسة حتى لو وصلى حامل دراهم الزكاة صحت فكذا يجب في الماء أن يتغير على وجه لا يصل إلى التنجيس وهو يسلب الطهورية إلا أن يقوم فيه دليل يخصه غير هذا القياس
فإن قيل قد وجدناه فإن الخطايا تخرج من الماء وهى قاذورات ينتج من الشكل الثالث بعض القاذورات يخرج من الماء وبذلك ينجس
أما الصغرى فلقوله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ المؤمن خرجت خطاياه من جميع بدنه حتى تخرج من تحت أظفاره وأما الكبرى فلقوله صلى الله عليه وسلم من ابتلى منكم بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فالجواب منع أن إطلاق القاذورات على الخطايا حقيقى أما لغة فظاهر وأما شرعا فلجواز صلاة من ابتلى بها عقيب وضوئه إذا لم تكن من النواقض دون غسل بدنه
وأما قوله صلى الله عليه وسلم لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسلن فيه من الجنابة فغاية ما يفيد نهى الاغتسال كراهة التحريم ويجوز كونها لكيلا تسلب الطهورية فيستعمله من لا علم له بذلك في رفع الحدث ويصلى
ولا فرق بين هذا وبين كونه يتنجس فيستعمله من لا علم له بحاله في لزوم المحذور وهو الصلاة مع المنافى فيصلح كون كل منهما مشيرا للنهى المذكور
صفحة ٨٥