وأجلى ورحمته في ذللك المقام الشامخ أوسع، فإن العالم الربوبي فسيح جدا، لكن الظاهر من فقرة الدعاء هو الرحمة الفعلية والفيض الناشيء من مقام الرحمانية الذاتية على المرحومات والغيث النازل من سماء الإلهية على الأراضي القاعة. وليعلم أن كل مرتبة من التعينات وكل موجود من الموجودات له وجهة إلى عالم الغيب والنور ووجهة إلى عالم الظلمة والقصور من أنفسها المكدرة وماهياتها المظلمة. فباعتبار الوجهة النورية إلى عالم الرحمة والمغفرة يكون مرتبة من مراتب الرحمة الإلهية، وبإعتبار الوجهة المنكسة إلى نفسه يكون مرحوما. فكما أن للمرحومات تكثرا عرضيا بالذات وطوليا بالعرض كذلك للرحمة تكثر عرضي بالعرض وطولي بالذات، بعضها وسيع وبعضها أوسع، بعضها محيط وبعضها محاط، على ما تقرر في الحكمة المتعالية. ومعلوم أن المناسب لحال الداعي أن يسأل الله تعالى بالجهات المنتسبة إليه تعالى وهى جهات الرحمة والظل النوراني الباقي. فالمرحوم الفقير يسأل الرحيم الغني بالرحمة الواسعة الإلهية.
صفحة ٨٥