شرح ديوان المتنبي
تصانيف
كدعواك كل يدعي صحة العقل
ومن ذا الذي يدري بما فيه من جهل
وخرج أبو الطيب من الكوفة - قبل أن يبرحها إلى فارس - في شعبان سنة اثنتين وخمسين، قاصدا بغداد، وفيها لقي الوزير المهلبي، ويرجح أنه أقام بها من جمادى الآخرة إلى شعبان، أو قبل ذلك بقليل، وقد نزل فيها بدار علي بن حمزة البصري اللغوي الذي روى ديوانه، وبقي ضيفه إلى أن رحل عنها، ولم يطل فيها مقامه.
وكان ببغداد معز الدولة بن بويه والوزير المهلبي.
وقد زار أبو الطيب المهلبي، وجلس معه مرتين، ولكنه لم يمدحه، ولا هو مدح معز الدولة، وقد كان أبو الطيب يود مدح المهلبي، وأن يتخذه سبيلا إلى معز الدولة، وإنما صده عن ذلك ما سمعه عنه من تماديه في السخف واستهتاره واستيلاء أهل الخلاعة عليه، وقد أغرى المهلبي بالمتنبي شاعرا ماجنا هو ابن حجاج فعلق بلجام دابته وقد تكأكأ الناس عليه، وأخذ ينشده:
يا شيخ أهل العلم فينا ومن
يلزم أهل العلم توقيره
فلم يحفل به المتنبي، وانصرف إلى منزله.
وقد كان الوزير المهلبي راغبا في مدح أبي الطيب، مغيظا محنقا من إغفاله إياه، وقد روي أنه أحضر علي بن يوسف البقال فأنشده في حضرة المتنبي، فقال المتنبي: «ما رأيت ببغداد من يجوز أن يقطع عليه اسم شاعر إلا ابن البقال.»
ولما كان الوزير المهلبي وسيلة الشاعر إلى معز الدولة، فإن الشاعر لم يجد إلى معز الدولة من سبيل، ولم يمدحه تبعا لذلك.
صفحة غير معروفة