شرح ديوان المتنبي
تصانيف
تلك كانت حالة الشاعر في بلاد الشام، منذ ألقى بها عصا التسيار، حتى سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، بيد أنه على سوء حاله وإغراقه في شكوى الزمان، قد سار ذكره ونبه شأنه، وبسط شعره سلطانه على الناطقين بالضاد، حتى رغب في مدائحه الأمراء والحاكمون، فدعاه الحسن بن عبيد الله بن طغج إلى الرملة ليمحدحه - وهو أخو الأخشيد كما قدمنا - ثم تيسر له سبيل الاتصال بأبي العشائر بن حمدان، فمهد له الوصول إلى سيف الدولة علي بن حمدان، الذي هيأ له السعادة والمجد ، وأعانه على الدخول في زمرة الخالدين، وكان له على خطوب الأيام خير معين.
وكان لقاء الشاعر للحسن بن طغج في شعبان سنة ست وثلاثين وثلاثمائة؛ إذ أرسل إليه رسوله بركوبة يركبها، فامتنع الشاعر عليه، فأقسم ألا يبرحه، فدخل أبو الطيب فكتب قصيدة وعاد ومدادها لم يجف، ثم ركب مع الرسول، فدخلا على ابن طغج فأنشده إياها، وهي:
أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم
علمت بما بي بين تلك المعالم
وكان هذا أول شعر للمتنبي أجيز عليه إجازة كبيرة. جاء في الإيضاح: «أن المتنبي حدث بأنه أعطي من أجلها ألف دينار، وقد أقام الشاعر مدة عند ابن طغج، وفي الديوان غير هذه القصيدة: أرجوزة قصيرة، وثلاث وعشرون قطعة قصيرة أكثرها بيتان، وقد قيلت قطعتان منها بعد عشر سنين من هذا التاريخ، حين مر الشاعر بالرملة قاصدا مصر وهما قوله:
ترك مدحك كالهجاء لنفسي
وقليل لك المديح الكثير
و
ماذا الوداع وداع الوامق الكمد
هذا الوداع وداع الروح للجسد» •••
صفحة غير معروفة