شرح ديوان المتنبي
تصانيف
ويصح كذلك أن يكون سبب تسمية بالمتنبي ذلك البيت:
ما مقامي بأرض نخلة إلا
كمقام المسيح بين اليهود
وليس أيسر من أن يسمع حاسدوه هذا الشعر فيلقبوه بالمتنبي، وفي أيامنا هذه من أمثال ذلك كثير في الصحف والمجلات، فإذا أطلق عليه هذا اللقب وذاع وسرى في الناس، ثم مضت مدة رجع فيها الناس إلى الاستقصاء استطاع أصحاب الخيالات القصصية أن يخلقوا قصة طريفة يفسرون بها هذا اللقب، ويسندون فيها إليه ادعاء النبوة . •••
ونعود إلى سيرة المتنبي فنقول:
كان سجنه سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، أو في السنة التي بعدها، ويؤخذ ذلك من أنه قال في قصيدته التي أرسلها من سجنه إلى الوالي يمدحه:
فولى بأشياعه الخرشني
كشاء أحس زئير الأسود
والخرشني هو: بدر الخرشني والي حلب من قبل الخليفة العباسي، وثابت في كتب التاريخ أن الأخشيد استولى على حلب سنة أربع وعشرين وثلاثمائة بعد أن تركها الخرشني إلى بغداد، فإن كان أبو الطيب يقصد بهذا البيت نزوح الخرشني إلى بغداد، قبل استيلاء الأخشيد على حلب؛ فيكون سجنه في هذه السنة أو في التي تليها.
ولقد لبث أبو الطيب بالشام خمس عشرة سنة، وهو دائم الترحال غير مستقر على حال، يقصد الممدوحين، فيخيبون أمله، فتثور نفسه، وتتحكم كبرياؤه، ثم يعود فيكبت النفس الأبية، ويمسك كبرياءه بيده، وتلجئه الحاجة الملحة إلى معاودة المدح، وقد مدح أثناء ذلك اثنين وثلاثين رجلا بأربع وأربعين قصيدة، ومنهم التنوخيون باللاذقية، وبدر بن عمار الأسدي نائب ابن رائق في طبرية، ومساور بن محمد الرومي والي حلب، وقد لزم التنوخيين وابن عمار زمنا، وأكثر البلاد نصيبا من مدائحه: منبج، وإنطاكية، واللاذقية، وطبرية، ومدح كذلك في طرابلس، وطرسوس، وجبل جرش ودمشق، والرملة.
صفحة غير معروفة