شرح ديوان المتنبي
محقق
مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي
الناشر
دار المعرفة
مكان النشر
بيروت
- الْغَرِيب المجتدى السَّائِل يُقَال اجتداه وجداه وعفاه واعتفاه وغراب الْبَين حسنت الْإِضَافَة فِيهِ لِأَنَّهُ اسْم مُشْتَرك يَقع على أَشْيَاء رَأس ورك الْبَعِير وَيُقَال لحد الفأس غراب وَيُقَال لذؤابة الْمَرْأَة غراب وأنشدوا
(وَشَعْشَعَتْ للُغُرُوبِ الخَمْرَ واتَّخذَتْ ... ثَوْبَ الأمِيرِ الَّذِى فِى حُكمِهِ قَعَدَا)
وَذَلِكَ أَن الْمَرْأَة من الْعَرَب كَانَت إِذا مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا حلقت ذوائبها وغسلتها بِالْخمرِ فَعلم أَنَّهَا لَا رَغْبَة لَهَا بعده فى الْأزْوَاج وغرابا الْفرس وَالْبَعِير حدا الْوَرِكَيْنِ وهما حرفاهما الْيُسْرَى واليمنى اللَّذَان فَوق الذَّنب حَيْثُ التقى رَأس الورك قَالَ الراجز
(يَا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ ... خمسةُ غِرْبانٍ على غُرابٍ)
وحد الفأس غراب قَالَ ذُو الرمة يصف رجلا قطع نبعة
(فأنحَى عَلَيْها ذَاتَ حَدٍّ غُرابها ... عَدُوّ لأوساط العضاه مُشارِزُ)
يُرِيد سيء الْخلق وغراب الْبَين يَقع على الْأسود والأبيض قَالَ الشَّاعِر
(وبذَاكَ خبَّرنا الغُرابُ الأسْوَدُ ...)
وَقَالَ عنترة
(وَجَرَى ببَيْنِهِم الغُرَابُ الأبْقَعُ وَجمع غراب غربان وَجمع الْقلَّة أغربة الْمَعْنى قَالَ ابْن جنى هَذَا // معنى حسن // يُرِيد كَمَا أَن غراب الْبَين لَا يفتر عَن الصياح كَذَلِك هَذَا لَا يفتر عَن الْعَطاء قَالَ العروضى لعمرى إِن الذى قَالَه المتنبى // حسن وَلَكِن تَفْسِيره غير حسن // وَمن الذى قَالَ إِن الْغُرَاب لَا يفتر عَن الصَّباح وَلَكِن مَعْنَاهُ أَن الْعَرَب تَقول غراب الْبَين إِذا صَاح فى ديار قوم تفَرقُوا فَقَالَ المتنبى كَأَن المجتدى إِذا ظهر صَاح فى هَذَا المَال الْغُرَاب فَتفرق وَقَالَ ابْن فورجة فِيمَا رد على ابْن جنى يَقُول كَأَن غراب الْبَين يرقب مَاله فَكلما جَاءَ مجتد نعب فِيهِ فَتفرق شَمله وَقَالَ الواحدى تَلْخِيص الْمَعْنى أَن مَاله رقبه غراب الْبَين فَإِذا جَاءَ السَّائِل فرق الممدوح مَاله فَكَأَن غراب الْبَين نعب فى مَال الممدوح بِالتَّفْرِيقِ وَمَا ذكر من رَقَبَة الْغُرَاب ونعيبه بَيَان وَمِثَال لتفريقه المَال عِنْد مجئ السَّائِل
1 / 117