شرح عمدة الفقه (من أول كتاب الصلاة إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة)
محقق
د. صالح بن محمد الحسن
الناشر
مكتبة الحرمين
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م
مكان النشر
الرياض
وَإِحْجَاجُهُ عَنْ نَفْسِهِ: وَاجِبٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَوَاءٌ بَلَغَ وَهُوَ مَعْضُوبٌ، أَوْ عُضِبَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُودِ الْمَالِ، أَوْ بَعْدَ وُجُودِ الْمَالِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ ابْنَ أَبِي مُوسَى ذَكَرَ أَنَّ شُرُوطَ الْوُجُوبِ: الْحُرِّيَّةُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ، وَالصِّحَّةُ، وَالزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ، وَالْمَحْرَمُ لِلْمَرْأَةِ، وَخُلُوُّ الطَّرِيقِ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَّ الْحَجَّ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ بِثَلَاثَةِ أَوْصَافٍ: بِالزَّادِ، وَالرَّاحِلَةِ، وَالصِّحَّةِ. وَعَلَى الْمَرْأَةِ بِأَرْبَعَةِ أَوْصَافٍ: الزَّادُ، وَالرَّاحِلَةُ، وَالصِّحَّةُ، وَالْمَحْرَمُ.
لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْخَثْعَمِيَّةَ وَغَيْرَهَا أَخْبَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا قَدْ فُرِضَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهُ، وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ الْمَقْضِيِّ. وَلَوْلَا أَنَّ الْحَجَّ قَدْ وَجَبَ عَلَى هَذَا الْمَعْضُوبِ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الْحَجِّ ... .
وَأَيْضًا: «فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ: مَا يُوجِبُ الْحَجَّ؟ فَقَالَ: (الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ») وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقَادِرِ بِنَفْسِهِ وَالْعَاجِزِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ فَرَائِضَ اللَّهِ إِذَا قَدَرَ أَنْ يَفْعَلَهَا بِأَصْلٍ أَوْ بَدَلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَمَا يَجِبُ بَدَلُ الصَّوْمِ، وَهُوَ الْإِطْعَامُ، وَبَدَلُ الْكَفَّارَاتِ، وَبَدَلُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ.
1 / 162