قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِي فِعْلِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، وَجَعَلَ الْعِلَّةَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا أَوْ عَاجِزًا، وَسَوَاءٌ فِيهِ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْحَيَاةِ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ.
وَجَعَلَ أَبُو الْخَطَّابِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا هَذَا فِيمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا الْعَاجِزُ فَتَجُوزُ اسْتِنَابَتُهُ بِلَا تَرَدُّدٍ. وَلَوْ كَانَ عَجْزُهُ مَرْجُوَّ الزَّوَالِ كَالْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ فَهُوَ كَالْمَعْضُوبِ فِي النَّفْلِ؛ لِأَنَّ النَّفْلَ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ عَامٍ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ فِي هَذَا الْعَامِ فَهُوَ كَالْمَعْضُوبِ الَّذِي عَجَزَ عَنِ الْفَرْضِ فِي جَمِيعِ الْعُمُرِ، وَهَذَا فِيمَنْ أَحْرَمَ عَنْ ذَلِكَ، وَلَبَّى عَنْهُ.
فَأَمَّا إِنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ أَهْدَى ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ فَهَذَا يَجُوزُ عِنْدَنَا قَوْلًا وَاحِدًا لِمَا تَقَدَّمَ.