((فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟ )) ((أين باتت)) عرفنا أن قوله: ((من نومه)) يشمل الليل والنهار، لكن باتت؟ المبيت لا يكون إلا بالليل، وبهذا قال أحمد: إنه لا يلزمه غسل يديه إلا إذا استيقظ من نوم الليل، والعلة في ذلك: ((فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟ )) طيب غسل يديه بالماء والصابون ونام، اليد قبل النوم طاهرة وإلا فيها شيء؟ طاهرة ما في إشكال، طاهرة بيقين، هل نرفع هذا اليقين بكونه لا يدري يعني يشك أين باتت؟ هل يرفع اليقين بالشك؟ الشك عند أهل العلم لا يرفع اليقين، منهم من يقول: إن هذا خطاب لأهل الحجاز في البلاد الحارة، وهم يستعملون الحجارة في الاستجمار وتعرق أبدانهم وأيديهم تطيش على مواضع الخارج وهم لا يشعرون، لكن ما يلزم هذا، يعني لو افترضنا المسألة في شخص ساكن مكان بارد ما في عرق، واستعمل الصابون لغسل يديه، واستنجى فقطع أثر الخارج بالكلية، يعطل الحديث؟ نعم؟ لا، لا يعطل الحديث، إذن كيف نرفع اليقين بالشك هنا؟ ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) نقول: يجب عليه أن يغسل يديه تعبدا لله -عز وجل- امتثالا لهذا الأمر، ولو لم نطلع على العلة، ما يلزم تكون نجسة، يده طاهرة بيقين، حتى لو أدخلها في كيس وإلا ربطها بحيث لا تطيش ولا تروح ولا تجي، يلزمه أن يغسل يديه ثلاثا قبل أن يدخلها امتثالا لهذا الأمر، ((فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟ )) وهذا شك هل أصابها نجاسة أو لم يصبها شيء لا يدري، والشك لا يرفع اليقين، لكن يلزمه أن يغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء، لكن لو خالف وأدخل يديه في الإناء قبل أن يغسلهما ثلاثا أثم، يأثم والماء لا أثر عليه؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، هو متطهر بيقين أثم بالمخالفة والماء طهور يرفع الحدث، عند الحنابلة الماء يتأثر، يعني ينتقل إذا كان قليل من كونه مطهر إلى كونه طاهر، لكن لا أثر له على الماء باعتبار أن الذي يغلب على الظن أنها طاهرة وإن لم يدر أين باتت.
صفحة ٢٦