يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا توضأ أحدكم)) " توضأ فعل من أي الأنواع؟ من أي الأفعال الثلاثة؟ ماضي، توضأ فعل ماضي، والفعل الماضي يطلق ويراد به الفراغ، هذا الأصل، كما أنه يطلق ويراد به الإرادة، إرادة الفعل، يطلق ويراد به الشروع في الفعل، يطلق الفعل الماضي الأصل فيه الفراغ من الشيء، يعني متى تقول: قام زيد وهو جالس وإلا إذا انتصب قائما؟ إذا انتصب قائما قلت: قام زيد، يطلق ويراد به الفراغ من الفعل، ((إذا كبر فكبروا)) إذا كبر يعني فرغ من التكبير كبروا.
يطلق الفعل الماضي ويراد به إرادة الفعل، {إذا قمتم إلى الصلاة} [(6) سورة المائدة] إيش معنى قمتم إلى الصلاة؟ أردتم القيام، {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله} [(98) سورة النحل] إذا قرأت القرآن يعني أردت القراءة، فيطلق الفعل ويراد به الإرادة، يطلق ويراد به الشروع في الفعل، ((إذا ركع فاركعوا)) هل معناه أنه إذا أراد أن يركع نركع؟ لا، هل معناه أنه إذا فرغ من الركوع نركع؟ لا، إذا شرع في الركوع نركع، فالفعل الماضي يطلق ويراد به تمامه، ويطلق ويراد به إرادته، ويطلق ويراد به الشروع فيه.
نأتي إلى ما عندنا ((إذا توضأ أحدكم)) إذا توضأ وفرغ من الوضوء يجعل على أنفه ماءا؟ نعم؟ إذا فرغ وإلا إذا أراد أو إذا شرع؟ إذا شرع في الوضوء.
((إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر)) في لفظ لمسلم: ((فليستنشق بمنخريه من الماء)).
الاستنشاق: هو جذب الماء بالنفس إلى الأنف، جذب الماء إلى داخل الأنف بالنفس، والانتثار: إخراج الماء من الأنف بالنفس أيضا، بالنفس، هل من مسمى الاستنشاق الانتثار؟ بعضهم يقول: جاء في بعض الروايات، ما في استنشاق ((إذا توضأ أحدكم فلينتثر)) لكنه من لازم الاستنشاق، منهم من يقول: إن الانتثار هنا هو الاستنشاق، لكنه في الحقيقة من لازم الاستنشاق، لا يمكن أن ينتثر حتى يستنشق، فمن لازمه الاستنشاق، ثم الانتثار.
صفحة ٢٤