الهجرة من ديار الأشرار ولو كانوا مسلمين إلى ديار الأخيار مستحبة؛ ليعينوه على طاعة الله -عز وجل-، {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} [(28) سورة الكهف] أما البقاء بين أظهر الأشرار مع أنه لا يستطيع أن يقدم له شيئا مما ينفعهم، بل قد يخشى على نفسه من التأثر بهم، مثل هذا يرجح في حقه الانتقال، ولذا العزلة والخلطة جاء في الحديث الصحيح: ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن)) مثل هذا مطلوب، لكن بالنسبة لمن؟ لمن خشي على نفسه أن يتأثر بالأشرار، ولم يأنس من نفسه أنه يؤثر فيهم، فالذي يتأثر ولا يؤثر مثل هذا ينتقل من هذا المجتمع إلى مجتمع أفضل منه، والذي باستطاعته وبمقدوره أن ينفع الناس فمخالطتهم أفضل، ولو كانوا أشرار، يخفف من شرهم، يدفعهم إلى عمل الخير، ولا خوف عليه منهم، مثل هذا يبقى الخلطة في حقه أرجح.
((ومن كانت هجرته)) انتقاله من بلد إلى بلد من أجل الدنيا أو من أجل امرأة يتزوجها ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) السياق الأول: ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)) هذا سياق مدح، لكن ((من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) سياق إيش؟ ذم، سياق ذم، لكن هل يذم من انتقل من بلد إلى بلد طلبا للعيش والرزق؟ يذم؟ هل يذم من بحث عن امرأة في بلده يتزوجها فلم يجد انتقل إلى بلد آخر؟ يذم وإلا ما يذم؟ ما يذم، بل قد يؤجر، إذا بحث عن امرأة صالحة تعينه على أمور دينه ودنياه لم يجد في بلده، وانتقل إلى بلد آخر بحثا عن هذه المرأة الصالحة يؤجر على ذلك، فكيف جاء الهجرة من أجل الدنيا ومن أجل المرأة وسيقت مساق الذم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صفحة ١٣