إذن ما فائدة الجملة الثانية: ((وإنما لكل امرئ ما نوى))؟ يعني ليس لك من عملك إلا ما نويت وما قصدت، ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) ليس لك إلا ما قصدته واستحضرت فيه هذه النية، ولذا الإنسان يأتي إلى الصلاة مخلصا لله -عز وجل-، ويدخل فيها بنية صالحة خالصة، هنا تصح هذه العبادة، لكن استمرار النية ليس للإنسان من عمله إلا ما عقله، ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) يعني عزبت النية عن باله، غفل وهو يصلي غفل عن الصلاة، ليس له من صلاته إلا ما عقل، ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) يعني إنما يحسب له من الأجر على هذه العبادة بقدر ما حضرته هذه النية، ولذا جاء في الحديث الصحيح أن من الناس من ينصرف من الصلاة وليس له إلا نصفها ربعها عشرها، بقدر ما عقله من هذه الصلاة، فعلى الإنسان أن يحرص أشد الحرص، ولا يترك مجال للشيطان أن يذهب به إلى الآفاق يمينا وشمالا بحيث يحرمه من آثار عمله الصالح ونتائجه، والأجور المرتبة على هذا العمل؛ فإن الشيطان يحرص أشد الحرص على صرف الناس عن الدين، لا يزال بالمرء حتى يفوته الصلاة، إن استطاع أن يجعله يترك الصلاة بالكلية ذلك المقصود، وإلا فوته الصلاة مع الجماعة، ثم إذا أقيمت الصلاة أدبر، ثوب بالصلاة أدبر الشيطان، ثم إذا فرغ من التثويب جاء ليوسوس إليه الشيطان، اذكر كذا، اذكر كذا، اذكر كذا، يذكره ما كان غفل عنه ونسيه، والسبب ليحرمه الأجر المرتب على هذه العبادة.
صفحة ١٠