شرح العقيدة الطحاوية
محقق
أحمد شاكر
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هـ
مكان النشر
والأوقاف والدعوة والإرشاد
تصانيف
العقائد والملل
وَالتَّعْبِيرُ عَنِ الْحَقِّ بِالْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ الْإِلَهِيَّةِ هُوَ سَبِيلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَالْمُعَطِّلَةُ يُعْرِضُونَ عَمَّا قَالَهُ الشَّارِعُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَلَا يَتَدَبَّرُونَ مَعَانِيَهَا، وَيَجْعَلُونَ مَا ابْتَدَعُوهُ مِنَ الْمَعَانِي وَالْأَلْفَاظِ هُوَ الْمُحْكَمَ الَّذِي يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَاعْتِمَادُهُ. وَأَمَّا أَهْلُ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ وَالْإِيمَانِ فَيَجْعَلُونَ مَا قَالَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هُوَ الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَاعْتِمَادُهُ. وَالَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ إِمَّا أَنْ يُعْرِضُوا عَنْهُ إِعْرَاضًا جمليا، أَوْ يُبَيِّنُوا حَالَهُ تَفْصِيلًا، وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ غَالِبَ عَقَائِدِهِمُ السُّلُوبُ: "لَيْسَ بِكَذَا"، وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ فَهُوَ قَلِيلٌ، وَهِيَ أَنَّهُ عَالِمٌ قَادِرٌ حَيٌّ، وَأَكْثَرُ النَّفْيِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ مُتَلَقًّى عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا عَنِ الطُّرُقِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي سَلَكَهَا غَيْرُهُمْ مِنْ مُثْبِتَةِ الصِّفَاتِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (١).
فَفِي هَذَا الْإِثْبَاتِ مَا يُقَرِّرُ مَعْنَى النَّفْيِ. فَفُهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ انْفِرَادُهُ سُبْحَانَهُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، فَهُوَ ﷾ مَوْصُوفٌ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ بِهِ رُسُلُهُ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَسْمَائِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ، مِمَّا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ، وَلَهُ صِفَاتٌ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا قَالَ رَسُولُهُ الصَّادِقُ ﷺ فِي دُعَاءِ الْكَرْبِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجَلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي». وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى فَسَادِ طَرِيقَتِهِمْ فِي الصِّفَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَيْسَ قَوْلُ الشَّيْخِ ﵀: "وَلَا شَيْءَ يُعْجِزُهُ"مِنَ النَّفْيِ الْمَذْمُومِ، فَإِنَّ
_________
(١) سورة الشُّورَى آية: ١١.
1 / 63