شرح العقيدة الطحاوية

ابن أبي العز ت. 792 هجري
116

شرح العقيدة الطحاوية

محقق

أحمد شاكر

الناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هـ

مكان النشر

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ». قَوْلُهُ: (وَإِمَامُ الْأَتْقِيَاءِ) ش هُوَ ﷺ، الْإِمَامُ الَّذِي يُؤْتَمُّ بِهِ، أَيْ: يَقْتَدُونَ بِهِ. وَالنَّبِيُّ ﷺ إِنَّمَا بُعِثَ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ (١) وَكُلُّ مَنِ اتَّبَعَهُ وَاقْتَدَى بِهِ فَهُوَ مِنَ الْأَتْقِيَاءِ. قَوْلُهُ: (وَسَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ) ش قَالَ ﷺ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي أَوَّلِ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ». فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ ﷺ: «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَأَجِدُ مُوسَى بَاطِشًا بِسَاقِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي هَلْ أَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ؟» خَرَّجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، فَكَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ». فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا كَانَ لَهُ سَبَبٌ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ قَالَ يَهُودِيٌّ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَلَطَمَهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ: أَتَقُولُ هَذَا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟ فَجَاءَ الْيَهُودِيُّ فَاشْتَكَى مِنَ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَطَمَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا، لِأَنَّ التَّفْضِيلَ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ

(١) سورة آلِ عِمْرَانَ آية ٣١.

1 / 119