============================================================
والدليل على أن العالم حادث زماني أنه لا يخلو من الحوادث، وكل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث. وإنما قلنا إنه لا يخلو من الحوادث؛ لأنه لا يخلو من الحركة والسكون، وهما حادثان؛ أما الحركة فلأن ماهيتها: المسبوقية بالغير، وماهية الأزلية عدم المسبوقية بالغير، فبينهما منافاة بالذات، فلا تكون الحركة أزلية. وأما السكون الحاصل للعالم، فلأنه لو كان أزليا لامتنع زواله لما يأتي. واللازم(1) ظاهر الفساد؛ لأنا نشاهد الحركة في الأجسام الفلكيات والعنصريات، والعالم عبارة عنها، فالملزوم مثله.
وإنما قلنا: إن ما لا يخلو من الحوادث حادث؛ لأنه ينفعل عن الغير، وكل ما ينفعل عن الغير حادث.
ولأنه لو لم يكن كذلك لكان قبل كل حادث حوادث لا أول لها، وما لم تنقض تلك الحوادث بجملتها لا تنتهي النؤية إلى وجود الحادث الحاضر في الحال(2)، وانقضاء ما لا نهاية له محال(2) .
ورتك يخلو ما يشاء ويختكاڑ [القصص: 68]، وقؤله جل وعلا : بل يداء مبسوطتان ينفق كيف يشاە [المائدة: 64] ونخو ذلك مما هو كثير في الكتاب والسنة . اه .
(1) وهو امتناع زوال السكون.
(2) المحال اللازم على تقدير دخول حوادث لا أول لها إلى الوجود: هو عدم وجود الحادث اليومي المحقق وجوده، وذلك أن الحادث الموجود اليوم مثلا فإنه محقق الوجود بالمشاهدة، ولكن على تقدير القول بكونه مسبوقا بحوادث قبله لا أول لها يصير دخول الحادث - المشاهد اليوم - إلى الوجود متوقفا على فراغ دخول ما قبله من الحوادث التي لا أول لها؛ إذ لا تأتي النوبة إلى الحادث الحالي إلا إذا انقضى ما قبله من الحوادث واحدا بعد واحد، وكيف تنقضي وهي لا أول لها قبل الحادث المشاهد اليوم؟! إذ الفرض أنها لا تفرغ؛ لأنها لا أول لها، وفراغ ما لا يفرغ محال وتناقض ظاهر، فالمتوقف وجوده - وهو حادث اليوم - على المحال وهو فراغ ما لا أول له محال، لكن الحادث موجود اليوم بالمشاهدة، فالقول بحوادث لا أول لها دخلت إلى الوجود حادثا بعد حادث قبل الوصول إلى حادث اليوم محال. فالحق أن الحادث المشاهد اليوم مسبوق بحادث أول ليس قبله شيء من الحوادث، وذلك الحادث الأول مسبوق بالعدم، أوجده الله الفاعل المختار المفرد بالقدم والأزلية (3) قال الإمام السنوسي في بيان استحالة دخول حوادث لا أول لها في الوجود: وأدلة ثاي اترخ العقائد العضدية/9201119626012312011/1/24
صفحة ٢٧