شرح الزركشي
الناشر
دار العبيكان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م
١٠٤ - وعن ابن عمر أنه قال: لا يمس المصحف إلا على طهارة. احتج به أحمد [واستدل] بقوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩] على أن المراد بالكتاب المصحف بعينه وأن ﴿لَا يَمَسُّهُ﴾ [الواقعة: ٧٩] خبر بمعنى النهي، أو أنه نهي علي بابه، وحرك بالضم لالتقاء الساكنين، ورد بأن المشهور عن السلف، وأهل التفسير أن الكتاب اللوح المحفوظ، وأن ﴿الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩] الملائكة، ويؤيده الآية الأخرى: ﴿كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ - فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ - فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ - مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ - بِأَيْدِي سَفَرَةٍ - كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١١ - ١٦] وأيضا الإخبار بأنه: ﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾ [الواقعة: ٧٨] أي مصون، لا تناله أيدي الضالين، وهذه صفة اللوح المحفوظ وأيضا: ﴿الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩] من طهرهم غيرهم، ولو أريد طهارة بني آدم لقيل: المتطهرون. كما قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] ويمكن توجيه الاستدلال بالآية على وجه آخر، وهو أن يقال: القرآن الذي في اللوح المحفوظ هو الذي في المصحف، وإذا كان من حكم الذي في السماء أن ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩] فكذلك الذي في الأرض، لأنه هو هو.
1 / 210