شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية

محمد بن عبد الباقي الزرقاني ت. 1122 هجري
83

شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هجري

مكان النشر

بيروت

والكائنات تبع له. وقيل: لذلك سمي أميًا لأن مكة أم القرى، ودرته أم الخليفة. فإن قلت: تربة الشخص مدفنه، فكان مقتضى هذا أن يكون مدفنه ﵊ بمكة، حيث كانت تربته منها. فقد أجاب عنه صاحب عوارف المعارف -أفاض الله علينا من عوارفه، وتعطف علينا بعواطفه- بأنه قيل: إن الماء لما تموج رمى الزبد إلى النواحي، فوقعت جوهرة النبي ﷺ.............................

أوجدها، "والكائنات تبع له" حذف من كلام السهروردي ما لفظه: وإليه والإشارة بقوله: "كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين"، وفي رواية: "بين الروح والجسد"، قال: "وقيل لذلك" الذي قاله ابن عباس "سمي أميًا؛ لأن مكة أم القرى ودرته أم الخليفة" وإنما حذف ذلك من كلامه؛ لأنه قدم إنه لم يرو اللفظ الأول، "فإن قلت: تربة الشخص مدفنه، فكان مقتضى هذا أن يكون مدفنه ﵊ بمكة حيث كانت تربته منها" فلا تقل ذلك وتذهل عن جوابه. "فقد أجاب عنه صاحب عوارف المعارف" هو العلامة عمر شهاب الدين بن محمد بن عمر السهروردي، بضم السين المهملة وسكون الهاء وضم الراء وفتح الواو وسكون الراء الثانية فدال مهملة، نسبة إلى سهرورد بلد عند زنجان كما في التبصير وغيره، الفقيه الشافعي الزاهد الإمام الورع الصوفي أخذ عن الكيلاني وغيره، وسمع الحديث من جماعة، وقرأ الفقه والخلاف ثم انقطع ولازم الخلوة والصوم والذكر، ثم تكلم على الناس عند علو سنه ثم كف وأقعد، ومع ذلك ما أخل بذكر ولا حضور جمع، ولازم الحج لى أن دخل في عشر المائة ووصل إلى الله به خلق كثير، وتاب على يديه كثيرون من العصاة، وكانت محفته تحمل على أعناق الرجال من العراق إلى البيت الحرام، ورأى من الجاه عند الملوك ما لم يره أحد ولما حج آخر حجاته ورأى ازدحام الناس عليه في المطاف واقتداءهم بأقواله وأفعاله، قال في سره: يا ترى أنا عند الله كما يظن هؤلاء فيّ، فكاشفه ابن الفارض وخاطبه بقوله: لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ... ذكرت ثم على ما فيك من عوج فصرخ وخلع ما عليه وألقاه، فخلع المشايخ والفقراء ما عليهم وألقوه وكان أربعمائة خلعة، ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وتوفي ببغداد مستهل محرم سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. "أفاض الله علينا من عوارفه" أي: الله أو السهروردي فهو من التوجيه، "وتعطف علينا بعواطفه بأنه قيل: إن الماء" الذي كان عليه العرش "لما تموج رمى الزبد إلى النواحي فوقعت جوهرة" واحدة جوهر معرب؛ كما في الصحاح. أي: طينة "النبي ﷺ وفي القاموس الجوهر: كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، انتهى. وبه يعلم حسن تسميته الطينة الشريفة جوهرة، كما

1 / 84