فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
104

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية

محقق

صبحي بن محمد رمضان، أم إسراء بنت عرفة بيومي

الناشر

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

تصانيف

حكم طهارة لعاب الإبل: ٢٤ - وعن عمرو بن خارجة ﵁ قال: خطبنا رسول الله ﷺ بمنى وهو على راحلته، ولعابها يسيل على كتفي. أخرجه أحمد، والترمذي وصححه. "خطبنا" الخطبة: هي التذكير بالأحكام الشرعية، وغالبا ما تكون بانفعال وتأثير، وقد لا تكون كذلك، لكن في الغالب هو هذا. وقوله: "في منى" كان ذلك يوم العيد، وقد خطب النبي ﷺ يوم العيد ويوم الثاني عشر، يوم العيد خطبهم يعلمهم كيف يرمون الجمرات، وكيف يطوفون، وكيف يسعون، وفي اليوم الثاني عشر علمهم ماذا يصنعون إذا أرادوا أن يتعجلوا؛ لأن في اليوم الثاني عشر ينتهي الحج لمن أراد أن يتعجل، وكان من عادة النبي ﷺ أن يخطب الناس إما خطبة راتبة وإما خطبة عارضة، فالخطبة الراتبة كخطب الجمعة والعيدين والاستسقاء، واختلف العلماء في خطبة صلاة الكسوف، والصواب أنها خطبة راتبة، وأنه يسن عقب كل صلاة كسوف خطبة. وتكون خطبه ﷺ أحيانا- عارضة، وذلك إذا وجد ما يستدعى أن يتكلم، ويخطب الناس ﵊ كما في قصة بريرة التي اشترتها عائشة واشترط أهلها أن يكون الولاء لهم، فقال الرسول ﵊: "خذيها واشترطي لهم الولاء"، ثم خطب الناس وقال: "ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، فقضاء الله أحق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق". وفي الحج خطب في عرفة وفي منى، فهل هذه الخطبة راتبة أو عارضة؟ فيه احتمال، لكن ليست خطبة الجمعة، ور يقال: إن الرسول ﵊ خطب في عرفة خطبة الجمعة، وإن كان ذلك اليوم هو يوم الجمعة لكنها ليست خطبة الجمعة؛ لأن الرسول ﵊ خطب قبل الأذان ولأنه خطب خطبة واحدة، ولو كانت يوم الجمعة لكانت خطبتين، ولأن حديث جابر يقول: "ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر"، فصرح بأنها الظهر وليست الجمعة، وأيضا لو كانت الجمعة ما جمع إليها أصلا؛ لأن العصر لا يجمع إلى الجمعة، فالمهم أن هناك قرائن كثيرة تدل على أن خطبة النبي ﷺ يوم عرفة ليست خطبة الجمعة.

1 / 148