وقد صح عن النبي ﷺ في حديث آخر أنه قال: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" ١ قال أبو الزناد: هذا من جوامع الكلم: لأنه قد جمعت هذه الألفاظ اليسيرة معاني كثيرة لأن أقسام المحبة ثلاثة: محبة إجلال وعظمة كمحبة الوالد ومحبة شفقة ورحمة كمحبة الولد ومحبة استحسان ومشاكلة كمحبة سائر الناس فحصر أصناف المحبة.
قال ابن بطال: ومعنى الحديث والله أعلم أن من استكمل الإيمان علم أن حق رسول الله ﷺ وفضله آكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين لأن بالرسول ﷺ استنقذه الله ﷿ من النار، وهداه من الضلال.
والمراد بالحديث: بذل النفس دونه ﷺ وقد كانت الصحابة ﵃ يقاتلون معه آباءهم وأبناءهم وإخوانهم، وقد قتل أبو عبيدة أباه لإيذائه رسول الله ﷺ، وتعرض أبو بكر ﵁ يوم بدر لولده عبد الرحمن لعله يتمكن منه فيقتله. فمن وجد هذا منه فقد صح أن هواه تبع لما جاء به النبي ﷺ.