أعلاه، شوّقه به لمعرفة ذلك ليقبل عليه بشراشُرِه ويصغي إليه بكلِّيته) (١).
وقال أيضًا: («و» سفكوا «دماءهم» بمجرَّد دَعْواهم فوضَعَ (ادَّعى) موضعَ (أخذ، وسفك) وضعًا للسببِ موضع المسبَّب؛ لأن الدَّعوى سببٌ للأخْذ والسَّفك، فامتناعُ كلٍّ: لِامتناعِ الإعطاء بلا بيِّنة، كما هو شأن (لو) فإنَّها لامتناع الثاني -أعني الجزاء- لامتناع الأوَّل أعْني الشَّرط) (٢).
ثانيًا: جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجبٍ الحنبليِّ ﵀: لم يكن للمصنِّف غرضٌ في شرحه: (غيرَ شرح معاني كلمات النبيِّ ﷺ الجوامع، وما تتضمَّنه من الآداب والحكم والمعارف والأحكام والشرائع) (٣).
ولذا لم يعرِّج -في الغالب- على المسائل اللغويَّة، والاستطراد فيها كما في شرحي المناوي والفاكهيِّ.
ثالثًا: المنهج المبين لأبي حفصٍ الفاكهانيِّ ﵀:
ذكر في مقدِّمة الكتاب أنَّه سيشرح ألفاظ الأحاديث من حيث اللُّغةُ والإعرابُ، وتحرَّى في تفسيرها وتبيينها أسدَّ طرق الصواب (٤).
من ذلك قوله في شرح حديث: (كفَّ عليك هذا):
(أي: اللسان جارحة الكلام ... واللسان: لسان الميزان، وأما اللِسن بكسر اللام فاللغة، يقال: لكلِّ قومٍ لسنٌ، أي لغةٌ يتكلمون بها، فأمَّا الجارحة فتذكَّر وتؤنَّث، قال أبو عليٌّ: ولغة القرآن التذكير، ويجيء الجمع فيه على أفعِلةٍ ... قلت -الفاكهاني-: يريد أنَّ القاعدة في ذلك: أنَّ كل اسمٍ كان على أربعة أحرفٍ ثالثه حرفُ مدٍّ ولينٍ، إن كان مذكَّرًا: جمع على أفعلة، نحو: خوانٌ وأخوِنَة، وعَمود وأعْمِدة، ورغيفٌ وأرغِفَة، وإن كان مؤنَّثًا جُمِعَ على أفعُل، نحو: عَناق وأعنُق، وذِراع وأذرُع، وقد جاء في القرآن على أفعِلة،
_________
(١) ص (١٠٥) من هذا الكتاب.
(٢) ص (١٦٢ - ١٦٣) من هذا الكتاب.
(٣) جامع العلوم والحكم (١٩).
(٤) المنهج المبين (٣٦).
1 / 64