مات سنة أربعٍ وسبعين، ودُفن بالبقيع) (١).
ثالثًا: إبرازُ الشَّارحِ الجانبَ الفقهيَّ في الحديث، وذكر اختلاف الفقهاء، مع ذكر أدلَّتهم ومناقشتها مع الاختصار، فمثلًا قال -في شرح حديثِ: «لا ضرر ولا ضرار» -:
(وأخذ منه الشافعيّةُ: أنَّ للجار منعَ جارِه مِن وضعِ جِذعه على جداره وإن احتاج، وخالف الحنابلةُ تمسُّكًا بخبر: «لا يمنعْ أحدٌ جاره أن يضعَ خشبةً على جداره»، وأجيب بأنَّه ضعيفٌ لضعفِ جابرٍ الجُعفيِّ، وبفرض صحّته فقد قال ابن جريرٍ: (هو -وإن كان ظاهرُه الأمرَ- معناه الإباحةُ والإطلاقُ؛ بدليل هذا الخبر، وخبر: «إنّ دماءكُم وأموالكم عليكم حرام») (٢).
رابعًا: من ميزات الشرح: تحرير محلِّ النزاع، ومن ذلك قوله ﵀:
(واعلم أنَّه قام الإجماعُ على استحلاف المدَّعَى عليه في المال، واختلف في غيره:
فذهب الشافعيُّ وأحمدُ إلى وجوبها على كلِّ من ادُّعِيَ عليه في حَدٍّ، أو طلاقٍ، أو نكاحٍ، أو عِتْقٍ، أو غيرها؛ أخذًا بظاهر عموم الحديث، فإنْ نَكَلَ حلف المدَّعِيْ وثَبتتْ دعواه.
وقال الحنفيَّة: يحلف على النِّكاحِ والعِتقِ، فإنْ نَكَلَ لزمه ذلك كلُّه.
واتفق الثَّلاثةُ على: أنَّ اليمينَ يتوجَّهُ على كلِّ مَنِ ادُّعِيَ عليه حقٌّ، سواءٌ كان بينه وبين المدَّعِيْ اختلاطٌ أم لا، وشَرَطَ المالِكيَّةُ-كالفقهاءِ السَّبعةِ فقهاءِ المدينة- في كونها عليه: أن يكون بينهما اختلاطٌ؛ لئلّا تبتذلَ السفهاءُ الأكابرَ بتحليفهم) (٣).
خامسًا عناية الشَّارح بالجانب اللغويِّ والإعرابيِّ في الحديث، وإطالة النفسِ في هذا مع النقل عن كبار الأئمة في الفنِّ، ومن ذلك قول الشارح- ﵀ في إعراب: (سمعت رسول الله يقول) قال:
(قال الزركشيُّ: هذا ممَّا يتكرَّر كثيرًا، وفي المنصوبينِ بعدَ (سمعتُ) قولانِ، والجمهورُ
_________
(١) ص (١٤٨) من هذا الكتاب.
(٢) ص (١٥١) من هذا الكتاب.
(٣) ص (١٦٦ - ١٦٧) من هذا الكتاب.
1 / 57