133

شرح التدمرية - ناصر العقل

تصانيف

القاعدة الخامسة: كوننا نعلم ما أُخبرنا به في النصوص من وجه دون وجه
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الخامسة: أنّا نعلم ما أخبرنا به من وجه دون وجه].
ولكي نفهم ضوابط هذه القاعدة، ونفهم أدلتها بعد ذلك، لا بد أن نعلم أن ما أخبرنا الله به من أمور الغيب في ذاته ﷿ وأسمائه وصفاته، نعلم بها من وجه ويخفى علينا وجهًا آخر، فالوجه الذي نعلمه في أسماء الله وصفاته هو الحقيقة التي تليق بالله سبحانه، فنعلم أن الله سميع على وجه كامل يليق به، وأن الله بصير على وجه كامل يليق به، ونعلم أن الله ﷿ عليم بذات الصدور، وأنه سبحانه لا يخفى عليه شيء، ونعلم أن الله ﷿ مستو على عرشه كما يليق بجلاله.
وعليه فألفاظ الشرع التي وردت في هذه الأمور نعلمها من وجه كونها حقائق، فإن كانت فيما يتعلق بالله فنعلم أنها حقائق تليق بالله، وإن كانت تتعلق بأمور الغيب الأخرى فنعلم أنها حقائق، لكن لا نُدرك الوجه الآخر وهو الكيفيات، فالتصور الذي يُعطي الأمر على كيفيته الذاتية لا نفهمها؛ لأنها غيب، والله ﷿ ليس كمثله شيء، ولا تدركه العقول، ولا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار سبحانه.
إذًا: نعلم ما خاطبنا الله به في كتابه، وما خاطبنا به رسوله ﷺ من هذه الأمور من وجه كونها حقيقة، ولا نعلم كيفياتها، والذين خالفوا هذه القاعدة وقعوا إما في التشبيه وإما في التأويل والتعطيل، والذين قالوا: إنا نعلم ما أخبرنا الله به من كل وجه! وقعوا في التجسيم والتشبيه، والذين قالوا: لا نعلم ما أخبرنا الله به إلا بتأويل! وقعوا في التأويل والتعطيل، ولذا فالحق وسط بين الجافي وبين الغالي، فنعرف من وجه أنها حقيقة، ولا نعرف الكيفية.

12 / 5