الوجه الثاني: إلزامهم بتشبيه الله بالجمادات
وقولهم: وأما غير القابل لهذه الصفات، فإنه لا يلزم من رفع أحدهما ثبوت الأخرى.
فيقال: إنكم فررتم من تشبيه الله ﷾ بالمخلوقات الحية، فشبهتموه بالموجودات الميتة الجامدة التي لا حياة لها، ولا شك -باتفاق العقلاء- أن المخلوق الحي أكمل من المخلوق الجامد غير الحي، ولهذا فليس في الجمادات أنبياء ولا رسل ولا ملائكة ..
وهذا من البدهيات.
إذًا: فهم فروا من تشبيه الله بالمخلوقات الحية، فلزم التشبيه بالموجودات الجامدة التي يقولون: إنها ليست قابلة، وذلك كالجبل، فإنهم يقولون: إذا قيل: إن الجبل ليس بأعمى، لم يلزم أن يكون الجبل مبصرًا ..
فنقول: بئس ما انتهى إليه النظر العقلي عندكم! لأن الجبل ليس بأكمل من الإنسان الحي، فإذا قلتم: إن هذا الإثبات تشبيه له بالإنسان، قيل: فطريقتكم الثانية في عدم القابلية تشبيه له بالجماد، وهذا مما يدل على أن هذا التركيب العقلي في أصله خطأ؛ لأن المقصود شرعًا وعقلًا هو أن ننزه الله ﷾ عن مشابهة كل شيء، سواء كان هذا الشيء حيًا أو ميتًا أو جمادًا، أو مخلوقًا، أو متصور الخلق، أو مفروضًا في الذهن، فالله منزه عن هذا كله.
10 / 13