شرح المفصل
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
النحو والصرف
فالكَبِيرُ العظيمُ يَصْغُرُ قَدْرًا ... بالتَّجَرِّي على الكبيرِ العظيمِ
وَلَعُ الخَمْرِ بالعُقُولِ رَمَى الخَمْرَ ... بتَنْجِيسِها وبالتَّحْرِيمِ
...
وقوله: "وإلى أفضل السابقين والمُصَلِّين أُوَجِّهُ أفضلَ صَلَواتِ المُصَلّين؛ محمّدٍ المحفوفِ من بني عَدْنانَ بجماجمِها وأَرحائِها، النازِل من قُرَيْشٍ في سُرّةِ بَطْحائها": "السابقُ" من الخَيْل: هو الذي يَأتي في الحَلْبَة أوّلًا، و"المُصَلِّي": الذي يَتْلُوه؛ سُمّي مُصلِّيًا لأنّ رأسه يكون عند صَلّا السابق، و"الصَّلَا": مَغْرِز الذَّنَب؛ وكَنَى بذلك عن الأوّلين والآخرين من الثَّقَلَيْن (١).
وقوله: "أفضلَ صلواتِ المصلّين": أي دُعاء الداعين؛ يريد صلواتِهم على محمّد ﷺ؛ و"محمَّدٌ": اسمْ عَرَبيٌّ، وه و"مُفَعَّلٌ" من الحَمْد، والتكريرُ فيه للتكثير؛ كما تقول: كرّمته فهو مكرَّمٌ، وعظّمته فهو معظَّمٌ؛ إذا فعلت ذلك مرَّة بعد مرّة؛ وهو منقول من الصفة على سبيلِ التَّفاؤل (٢) أنَّه سيكثُر حمدُه؛ وكان كذلك ﷺ. روى بعضُ نَقَلَةِ العلْم فيما حكاه ابنُ دُرَيْد أنّ النبي ﷺ لمّا وُلد، أَمر عبدُ المُطلِب بجَزُورٍ، فَنُحِرتْ، ودعا رجال قُرَيْشٍ، وكانت سُنَّتُهم في المَوْلود، إذا وُلد في استقبالِ الليل، كَفَؤوا عليه قِدْرًا حتى يُصبحَ، ففعلوا ذلك بالنبيّ ﷺ، فأصبحوا وقوإنشقّت عنه القدرُ، وهو شاخصٌ إلى السماء، فلمّا حضرت رجالُ قريش، وطعِموا، قالوا لعبد المطّلب: ما سمّيتَ ابنك هذا؟ قال: سمّيتُه "محمّدًا". قالوا: ما هذا من أسماء آبائك. قال: أردتُ أن يُحْمَد في السمَوات والأرضِ.
يقال: رجلٌ محمودٌ، ومحمّدٌ. قال الأَعْشَى [من الطويل]:
٤ - إليك، أَبَيْتَ اللعْنَ، كان كَلالُها ... إلى الواحدِ الفَرْدِ الجَوادِ المحمّدِ (٣) فـ "محمودٌ" لا يدل على الكثرة، و"محمَّدٌ" يدلّ على ذلك. والذي يدل على الفرق بينهما قول الشاعر [من الطويل]:
٥ - فلستَ بمحمودٍ ولا بمحمَّدٍ ... ولكِنَّما أَنْتَ الحِبَطُّ الحُباتِرُ (٤)
وقد سمّت العربُ في الجاهليّة رجالًا من أبنائهم بذلك؛ منهم: "محمّدُ بن حُمْرانَ
_________
(١) الثَّقَلان: الإنس والجِنّ.
(٢) في طبعة ليبزغ: "التَّفَؤُل".
(٣) ديوانه ص ٢٣٩؛ ولسان العرب ٣/ ١٥٧ (حمد)؛ والتنبيه والإيضاح ٢/ ٢٠؛ ومقاييس اللغة ٢/ ١٠٠؛ وتاج العروس ٨/ ٤١ (حمد).
(٤) لم أقع على هذا اليت فيما عدت إليه من مصادر. والحبط: المُنتَفِخ البطن من كثرة الأكل. الحُباتر: جمع حبْتَر، وهو القصير.
1 / 46