شرح الخرشي على مختصر خليل ومعه حاشية العدوي
الناشر
دار الفكر للطباعة - بيروت
رقم الإصدار
بدون طبعة وبدون تاريخ
تصانيف
<span class="matn">الأوليين إذ لا يرتفعان إلا بتقدير مضاف أي حكم الحدث فيصح إرادتهما لا يقال الحدث هو المنع المترتب إلخ والمنع هو حكم الله تعالى وحكمه قديم واجب الوجود فكيف يتصور رفع واجب الوجود؛ لأنا نقول الحكم مرتفع ومتجدد باعتبار تعلقه لا باعتبار ذاته والتعلق عدمي ممكن الارتفاع وبنى المؤلف يرفع للمجهول للعلم بفاعله، وهو الله أو النبي - عليه الصلاة والسلام - بواسطة ما أوحى الله إليه لا يقال قوله يرفع الأولى فيه التعبير بالماضي؛ لأن هذا أمر ثابت مقرر عن الشارع أي حكم بصحة رفع الحدث وحكم الخبث؛ لأنا نقول إنما عبر بالمضارع للإشارة إلى أنه نظر فيه إلى حكم الفقيه بذلك في المستقبل ولو نظر إلى ما ثبت عن الشارع لعبر بالماضي أو أنه عبر بالمضارع عن الماضي على نقيض قوله تعالى {أتى أمر الله} [النحل: 1] نظرا إلى إحضار هذا الحكم العجيب في ذهن السامع أي إحضاره الآن؛ لأن المضارع يستحضر به الأمور الغريبة بخلاف الماضي فإنه لا إحضار فيه والشيء قد يحمل على نقيضه كما يحمل على نظيره وعبر بالجملة الفعلية ولم يعبر بالجملة الاسمية فيقول رافع الحدث وحكم الخبث الماء المطلق؛ لأنها تفيد التجدد والحدوث والمقصود هنا ذلك ولأن نسبة الرفع إلى الماء مجاز.
(ص) ، وهو ما صدق عليه
</span><span class="matn-hr"> </span>
[حاشية العدوي]
من الوصف والمنع يرتفع رفعا مقيدا وقولهم لا يرفع الحدث أي رفعا مطلقا أريد به الحدث أو المنع (قوله إلا بتقدير مضاف) أي لا يصح إلا بتقدير مضاف أي حكم الحدث الذي هو الوصف أو المنع ثم نقول ولا فرق بين أن يكون كل ترتب عن حدث أو سبب أو ردة أو شك (قوله والمنع هو حكم الله) ؛ لأنه تحريم قربان العبادة (قوله واجب الوجود) أتى به دفعا لما يتوهم أن المراد بالقديم طويل الزمن فيما مضى (قوله فكيف يتصور إلخ) استفهام إنكاري (قوله ومتجدد) لا دخل هنا، وإن كان صحيحا (قوله باعتبار تعلقه) أي أنه في حد ذاته ليس متجددا ومرتفعا بل ما مرتفع ومتجدد إلا تعلقه (قوله عدمي) أي ليس له وجود في الخارج فلا ينافي أنه أمر اعتباري والواو في قوله والتعلق للتعليل أي؛ لأنه عدمي، وأما لو كان وجوديا فلا يصح رفعه؛ لأنه يلزم أن يكون قديما على فرض ذلك؛ لأن صفة القديم الوجودية قديمة فتدبر، ثم لا يخفى أن هذا كله بناء على أن التعلق ليس جزءا من مسمى الحكم.
وأما إذا قلنا أن التعلق جزء مسمى الحكم فيكون الحكم هو كلام الله المتعلق تعلقا تنجيزيا حادثا بأفعال المكلفين فيكون حادثا؛ لأن المركب من القديم والحادث حادث فلا محذور في كونه يتجدد ويرتفع (قوله، وهو الله أو النبي إلخ) الأحسن أن يقال إن الفاعل هو المكلف؛ لأن المراد بالفاعل في ذلك المقام من قام به الفعل لا من أوجده فلا يرد ما يأتي إذ لو أريد الموجد لما صح إسناد فعل إلى أحد غيره حقيقة إلا أنك خبير بأن قوله بعد أي حكم إلخ يؤذن بأن المراد بقوله بفاعله أي بحاكمه أي بالحاكم به (قوله بواسطة) أي بواسطة هي الأحكام التي أوحاها الله إليه أو بواسطة الإيحاء (قوله الشارع) أي الذي هو الله تعالى حقيقة والنبي - صلى الله عليه وسلم - مجازا (قوله أي حكم بصحة رفع إلخ) لا يخفى أن هذا ليس تفسيرا للفظ بمدلوله فهو بعيد غاية البعد والأقرب ما قلنا والحكم باعتبار إسناده إلى الله أزلي وبالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - حادث (قوله نظر فيه إلى حكم الفقيه) أي إخباره (قوله إلى إحضار هذا الحكم) أي الذي هو الحكم بصحة الرفع وإنما كان عجيبا لغرابته؛ لأن ذلك لم يكن معهودا (قوله أي إحضاره إلخ) خلاصته أن المصنف أراد أن يجعل هذا الحكم العجيب حاضرا في ذهن السامع والطريق التي توصل لذلك إنما هي المضارع، وأما الماضي فلا فلذلك عبر بالمضارع.
(قوله بخلاف الماضي فإنه لا إحضار فيه) أي لا يتيسر أن يكون آلة في إحضار ذلك في ذهن السامع هذا معناه (أقول) لا يخفى لو عبر بالماضي وأخبر به السامع فإنه يتصوره في ذهنه قطعا، وهذا إحضار له في ذهن السامع فقد حصل الإحضار بالماضي ويمكن الجواب أن مراده إحضار بحيث يلاحظ أنه واقع في الحال لا مطلق إحضار (قوله والشيء قد يحمل على نقيضه) كما هنا (قوله كما يحمل على نظيره) كما هو معلوم في باب القياس كحمل الأرز على البر في حرمة الربا بجامع الاقتيات والادخار وكما هو معلوم في المجازات مثلا استعمال السبب في المسبب يكفي وروده عن العرب في جزئي ويجوز لنا أن نستعمل اسم السبب في جزئي غير ما استعملته العرب لما تقرر أن المجاز موضوع بالنوع فتدبر (قوله التجدد والحدوث) أي شيئا بعد شيء الذي يدل عليه المضارع بالقرينة لا الوجود بعد العدم الذي يكون في الفعل مطلقا ولا يتوقف على قرينة، وأما الجملة الاسمية فتفيد الدوام والثبات بقرينة أيضا لكنه ليس مرادا (قوله والمقصود هنا ذلك) فيه أنه قد تقدم له أن الرفع قديم فقضيته أن لا يكون المعنى على التجدد والحدوث فيجاب بأن هذا ناظر لما تقدم منقوله أو نظرا لحكم الفقيه بذلك نعم هذا الكلام ظاهر على ما قلنا أن الرافع المكلف فافهم (قوله ولأن نسبة الرفع إلى الماء مجاز) أي الذي يأتي على التعبير بالجملة الاسمية، وأما الفعلية فلا يأتي ذلك عليها لكن يرد أن المجاز أبلغ من الحقيقة.
(قوله ما صدق) أي الذي صدق أو شيء صدق أو يقرأ ماء بالتنوين (قوله صدق) أي حمل؛ لأن الصدق في المفردات معناه الحمل وفي القضايا بمعنى التحقق أي ما صح أن يحمل عليه أي عرفا كما أفاده الحطاب وفي كلام تت ما يفيد أن المراد ما صح لغة مثلا ماء البطيخ لا يطلق عليه عرفا ماء من غير قيد على ما قال الحطاب وهل يصح إطلاق ذلك عليه لغة، وهو المتبادر إذ الأصل اختلاف المعنى اللغوي والعرفي، وأما على ما قال تت فلا يصح إطلاق ذلك عليه لغة وصحة هذا تتوقف على ثبوت ذلك لغة كذا في ك قال عج ثم رأيت في الفتاوى السيوطية ما يوافق ما ذكره
صفحة ٦٣