قال أبو سفيان: قال وائل: " أدركت بحضرموت رجالا أن كان الرجل منهم لو ولي على الدنيا كلها لاحتمل ذلك في عقله وحلمه وعلمه وورعه " فإلى هؤلاء وأمثالهم أشار هذا الحديث بالثناء، وقد تقدم في باب الأمة الإشارة إلى أئمتنا بالمغرب، وسيأتي في روايات أبي سفيان عن الربيع حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يكثر وارد حوضي من أهل عمان "، والمذهب إنما انتشر في هذه النواحي الثلاث، وفيها كانت قوته، ونحن نعرف الحق فيه بموافقة الكتاب والسنة، ولكن نزداد بهذه الإشارات إيمانا على إيماننا واطمئنانا في قلوبنا، وذلك مثل من اجتنب المعاصي وعمل بالطاعات ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنت على الحق، أما يزيده هذا اطمئنانا وسرورا، ولما ساء اعتقاد القوم في أهل الاستقامة مع جزمهم بصحة الحديث تكلفوا في تأويله أقاويل: أحدها أنه أراد مكة فإنه يقال: إن مكة من تهامة وتهامة من أرض اليمن، والثاني أن المراد مكة والمدينة فإنه يروى في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وهو بتبوك، ومكة والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن، فأشار إلى ناحية اليمن، وهو يريد مكة والمدينة، والثالث وهو قول أكثرهم، أن المراد بذلك الأنصار لأنهم يمانون في الأصل، ورد عليهم أبو عمرو بن الصلاح بما حاصله أنهم لو جمعوا طرق الحديث بألفاظه كما جمعها مسلم وغيره، وتأملوها، لصاروا إلى غير ما ذكروا، ولما تركوا<1/101 >الظاهر ولقضوا بأن المراد اليمن وأهل اليمن، على ما هو المفهوم من إطلاق ذلك، إذ من ألفاظه: "أتاكم أهل اليمن"، والأنصار من جملة المخاطبين بذلك، فهم إذن غيرهم،الخ ما ذكر، والحق ما قدمت لك.
صفحة ١١٣