هذه أقوالهم في تأويل الحديث وكلها ناشئة من مخالفة الحديث لمذهبهم واصطلاحهم في تخصيص الكفر بالشرك، ولو حملوه على كفر النعمة كما حملناه عليه لهان الخطب واتضح المعنى وانتفى التكلف، وقد احتاجوا إلى إثبات كفر النعمة في مواضع من تفسير الأحاديث، فلو جعلوا هذا الموضع منها ما غاروا وأنجدوا.
قوله: «فقد باء»: أي رجع، والمعنى أن المسلمين إذا تسابا بالكفر أو بما يقتضيه فلابد من كفر أحدهما؛ لأنه إما أن يكون الأول صادقا أو كاذبا، فإن كان صادقا فردها إليه كفر، وإن كان كاذبا فصدورها منه كفر، فلا بد من كفر أحدهما، وقد يكفران معا بما إذا تجاوز الراد الإنصاف فرد عليه بما لا يحل شرعا أو تسابا بالزنا أو بالشرك.
وقوله: «والبادي أظلم»:<1/115> أي أشد ظلما، هذا إنما يظهر في ما إذا كفرا معا بذلك، ووجه كونه أظلم لأنه السبب لضلالهما، ويمكن أن يحمل على ما إذا اختفى حال الصادق منهما، فإن اللوم يرجع على البادي منهما، فهو أظلم حكما شرعيا لأنه كان يمكنه أن لا يسب أخاه، وهذا معنى كلام الربيع رحمه الله تعالى في قوله استحق اسم الكفر دون صاحبه لقوله يا كافر.
ما جاء في إحباط العمل بالرياء.
قوله: «الرياء»: هو العمل لغير الله تعالى، وقد كثر الوعيد عليه في كتاب الله وسنة نبيئه عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:{الذين هم يرآءون ويمنعون الماعون}[الماعون:6-7] .
صفحة ١٣٣