شرح العقيدة السفارينية

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
79

شرح العقيدة السفارينية

الناشر

دار الوطن للنشر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٦ هـ

مكان النشر

الرياض

تصانيف

أمثاله، حتى كانوا يجرونه في الأسواق بالبغلة والعياذ بالله، ويضربونه بالسياط حتى يغمى عليه، وهو صابر ومصمم على أن يبقى على ما هو عليه من قول الحق، لأنه لو قال خلاف الحق في ذلك الوقت ولو بالتأويل لضل الناس؛ إذ إن الناس ينتظرون ماذا يقول الإمام أحمد بن حنبل ﵀. فبذلك استحق أن يكون إماما؛ لأنه صبر وكان موقنا بما هو عليه من الحق والصواب، وقد قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة: ٢٤) فبذلك صار ﵀ إماما لمن بعده، ولكن هذه الإمامة نسبية لأنها إمامة تابعة لإمامة عظمى، وهي إمامة رسول الله ﷺ، فإنه ﷺ هو الإمام الأعظم الذي يتفرع من إمامته إمامة الأئمة، فإمامة الأئمة من هذه الأمة إمامة فرعية لا إمامة أصلية، ولهذا لو خالف هذا الإمام هدي الإمام الأعظم محمد ﷺ لوجب أن يطرح قوله وأن يؤخذ بقول رسول الله ﷺ. فقوله: (إمام أهل الأثر) نقول: ليست هذه إمامة مطلقة أصلية، ولكنها إمامة نسبية فرعية تابعة للإمامة العظمى، وهي إمامة رسول الله ﷺ، ولولا أن هذا الإمام تابع لإمامة الرسول ﵊ ما استحق أن يكون إماما، ألا أن يكون إمام ضلال، فإن الضلال له أئمة كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ) (القصص: ٤١) . وقوله: (فمن نحا منحاه فهو الأثري): أي من سلك مسلكه فهو الأثري، نسبة إلى الأثر، والعلوم نوعان: أثرية ونظرية. فما كان متلقى من الكتاب والسنة فهو اثري، وما كان متلقى من العقل فهو نظري.

1 / 84