فقال: بلغنا أنك تذكر سطيحا، تزعم أن الله لم يخلق من ولد آدم شيئا يشبهه!
قال: نعم، إن الله خلق سطيح الغساني لحما على وضم- والوضم شرايح من جرائد النخل- وكان يحمل على وضمه فيؤتى به حيث شاء، ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والعنق والكفان، وكان يطوى من رجله إلى ترقوته كما يطوى الثوب، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه، فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمه فأتي به مكة فخرج إليه أربعة نفر من قريش: عبد شمس، وعبد مناف ابنا قصي، والأحوص ابن فهر، وعقيل بن أبي وقاص، فانتموا إلى غير نسبهم، وقالوا: نحن أناس من جمح، أتيناك لنزورك لما بلغنا قدومك، ورأينا إتياننا إياك حقا لك واجبا علينا، وأهدى إليه عقيل صفيحة هندية وصعدة ردينية فوضعتا على باب البيت الحرام لينظروا هل يراهما سطيح أم لا.
فقال: يا عقيل ناولني يدك، فناوله يده، فقال: يا عقيل والعالم الخفية، والغافر الخطية، والذمة الوفية، والكعبة المبنية، إنك الجائي بالهدية، بالصفيحة الهندية، والصعدة الردينية.
فقالوا: صدقت يا سطيح.
فقال: والآتي بالفرح، وقوس قزح، وسائق القرح، واللطيم المنبطح، والنخل والرطب والبلح، إن الغراب حيث مر سح، أخبر أن قوله: «على وضمه فيؤتى به» :
الوضم: كل شيء يوضع عليه اللحم أو الطعام من خشب أو بارية يوقى به من الأرض.
صفحة ١١٦