لا يُدرِكُ المَجدَ أقوَامٌ وإنْ كَرُمُوا ... حَتى يَذِلُّوا وَإن عَزُّوا لأقوَام
وَيُشْتَموا فَتَرى الألْوَانَ مُسْفِرَةً ... لَا صَفْحَ ذُلٍّ وَلَكِنْ صَفْحَ أحْلَامِ
ويقال: لم يَصِفِ اللهُ -سُبحَانَهُ- أحَدًَا مِنْ خَلقِهِ بِصِفَةٍ أعَز من الحِلْم، وذلك حينَ وَصَفَ إسمَاعِيلَ بِهِ. وَيُقَالُ: إن أحَدَا لَا يَسْتَحِقُّ اسمَ الصَّلَاحِ حَتى يَكُونَ مَوصُوفَا بِالحِلمِ، وذلك أن إبرَاهِيْمَ -صَلَوَاتُ الله عَلَيهِ (١) - دَعَا رَبهُ فَقَالَ: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصالحيْنَ) [الصافات/ ١٠٠] فَأجِيْبَ بقَوْلهِ: (فَبَشرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم) [الصافات/١٠١] فَدَل عَلَى أَن الحِلمَ أعْلَى مآئر (٢) الصلاَحِ -وَاللهُ أعلَمُ- وَيقَال: حَلُمَ الرَّجُلُ يَحلُمُ حُلْمًا، بضم اللاَّمٍ في المَاضِي والمُستَقْبَلِ، وحَلَم في النومِ، بِفتْحِ اللامِ يحلُم حلْمًا، اللام في المُستَقْبَل، والحاءُ في المَصَدَرِ مِنه، مَضمُومَتَانِ.
٣٤ - العَظِيمُ: هُوَ ذو العَظَمةِ والجَلَالِ، وَمَعْنَى العِظَم فِي هَذَا منْصَرِفٌ إلَى عِظَمِ الشأنِ، وَجَلَالَةِ القَدْرِ دون العِظَم الذِي هُوَ مِنْ
_________
= وفي العقد الفريد ٢/ ١٢٠، وفي البيت الثاني اختلاف في الرواية عما هنا.
والبيت الأول في المصادر السابقة برواية "لن يدرك" وهما في ذيل أمالي القالي ص ٤١، قال البكري في ذيل اللآلىء ص ٢٢: "البيتان رواهما ثعلب في أماليه، قال: أنشدنا عبد الله بن شبيب قال: أنشدني ابن عائشة لأبي عبيد الله بن زياد الحارثي .... "؛ قلت: لم أجدهما في مجالسه.
(١) في (م): "﵇".
(٢) في المغربية: "أمائر"، وفي اللسان (مار): "ماءره، مماءرة: فاخره" فعلى هذا؛ المآثر: المفاخر.
1 / 64