وعلى هذا، فإن الكتاب الذى بين أيدينا، هو الجزء الأول من أول كتب الأغذية والأدوية المفردة؛ كتاب الهمزة. وقد استخرجنا نصَّه بعد المقابلة بين مخطوطتين لابأس بهما، هما: مخطوطة الظاهرية ومخطوطة بودليان.
(أ) وَصْفُ النُّسَخِ الخِّطَّيةِ
مخطوطة المكتبة الظاهرية كما سبق أن أشرنا، هى نسخةٌ جيدة، كُتبت بقلم نسخى دقيق، فى القرن التاسع الهجرى تقديرًا، وهى تشتمل على الأحد عشر كتابًا الأولى من كتب الأدوية والأغذية.. وهى محفوظة تحت رقم ٨٥٤٧ بالظاهرية، التى توجد حاليًا بمكتبة الأسد بدمشق. أوراقها ٣١٩ ورقة من القطع الكبير، ومسطرتها ٣٣ سطرًا، يحتوى السطر الواحد على قرابة ١٥ كلمة.. وهى على هذا النحو، تعدُّ من المخطوطات المزدحمة بالكلمات!
والمخطوطة كتبها ناسخٌ محترف، وإن كان غير متخصِّص فى الطِّبِّ. وهو يضبط الكلمات فى أغلب الأحيان، وإن كان ضبطه لايُعتمد عليه - فى أغلب الأحيان - لأنه ينقل من مخطوطة غير مضبوطة، لعلها نسخة المؤلف؛ ولأنه يضبط وفق ما يبدو له، من غير معرفة بالمفردات والمصطلحات الطبية.
ومع أهمية هذه المخطوطة، التى رمزنا لها فى هوامش التحقيق بحرف هـ.. فإن بها ثلاثة عيوب خطيرة: الأول أنها ناقصة من أولها بمقدار ورقتين. والثانى أن عديدًا من أوراقها، سقطت أثناء التجليد. والثالث أن الناسخ حين يعجز عن فهم كلمة من الأصل الذى نقل عنه، فإنه يسقطها من الكلام، ويمر عليها مرور الكرام! دون تنبيه إلى ما تركه من كلمات.. ولولا مخطوطة بودليان لما كان من الممكن استخراج النص المحقَّق بالاعتماد على مخطوطة الظاهرية وحدها، نظرًا لهذه العيوب الخطيرة.
1 / 31