حال السكوت وعدم التحدث أطول من نظره إلى السماء لأنه كان دائم المراقبة متواصل الفكر فنظره إليها ربما مزق فكره ومزق خشوعه ولأن نظر النفوس إلى ما تحتها أسبق لها من نظرها إلى ما علا عليها أما في غير حال السكوت والسكون فكان ربما نظر إلى السماء بل جاء في أبي داود وكان إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع طرفه إلى السماء وهذا كله في غير الصلاة أما فيها فكان ينظر إليها أولا فلما نزلت الذين هم في صلاتهم خشعون أطرق
فائدة رأيت بخط الحافظ مغلطاي أن ابن طغر ذكر أن عليا أتاه راهب بكتاب ورثه عن آبائه كتبه أصحاب المسيح فإذا فيه (الحمد لله الذي قضى فيما قضى وسطر فيما سطر أنه باعث في الأميين رسولا لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح أمته الحمادون نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء جل نظره بضم الجيم أي معظمه وأكثره الملاحظة مفاعلة من اللحظ أي النظر بشق العين مما يلي الصدغ أراد به هنا أنه كان أكثر نظره في حال الخطاب الملاحظة وكثرة الفكر فلا يعارض قوله إذا التفت التفت جميعا يسوق أصحابه أي يقدمهم أمامه ويمشي خلفهم كأنه يسوقهم تواضعا وإرشادا ألى ندب مشى كبير القوم وراءهم ولا يدع احدا يمشي خلفه أو ليختبر حالهم وينظر إليهم حال تصرفهم في معاشهم وملاحظتهم لإخوانهم فيربي من يستحق التربية ويكمل من يحتاج التكميل ويعاقب من يليق به المعاقبة ويؤدب من يناسبه التأديب وهذا شأن المولى مع رعيته أو لان الملائكة كانت تمشي خلف ظهره أو لغير ذلك وإنما تقدمهم في قصة جابر رضي الله تعالى عنه لأنه دعاهم إليه فجاؤا تبعا له ويبدأ وفي رواية يبدر أي يسبق من لقيه بالسلام حتى الصبيان تأديبا لهم وتعليما لمعالم الدين ورسوم الشريعة وإذا سلم عليه أحد رد عليه كتحيته أو أحسن منها فورا إلا لعذر كصلاة وبراز قال ابن القيم ولم يكن يرده بيده ولا برأسه ولا بأصبعه إلا في الصلاة ثبت بذلك عدة أخبار ولم يجيء ما يعارضها إلا شيء باطل ت في الشمائل النبوية طب هب عن هند بن أبي هالة بتخفيف اللام وكان وصافا لحلية النبي صلى الله عليه وسلم وهو ربيبه إذ هو ابن خديجة وهالة اسم لدارة القمر قتل مع علي يوم الجمل وقيل مات في طاعون عمواس وبقي مدة لم يجد من يدفنه لكثرة الموتى حتى نادى مناد واربيب رسول الله فترك الناس موتاهم ورفعوه على الأصابع حتى
صفحة ٤٢