شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
الناشر
دار القمة
رقم الإصدار
-
مكان النشر
الإسكندرية
تصانيف
الشاهد في الحديث:
قوله ﷺ: «إني لأراكم من وراء ظهري» .
بعض فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
كثرة المعجزات التي أيد الله ﷾ بها نبيه ﷺ، وهذه واحدة من أجل تلك المعجزات، وهي أنه ﷺ يرى من وراء ظهره. وإليك بعض حكم هذه الرؤية:
١- إظهار الله للناس فضله وتأييده لنبيه ﷺ، وإظهار مكانته على الأولين والآخرين، وذلك بخرق العادات الكثيرة له، ومنها أنه يرى من وراء ظهره كما يرى من أمامه، وأقول: إن الرؤية من الأمام والخلف تستوي في حقه ﷺ؛ لأن الحديث بدأ بقوله:
«هل ترون قبلتي هنا» وهو سؤال يستنكر فيه النبي ﷺ على من يظن أنه يرى الذي أمامه فقط، واختتم حديثه بقوله: «إني لأراكم من وراء ظهري»، وهذا الإظهار لفضل الله، ليزداد الذين آمنوا إيمانا، إيمانا بقدرة الله على خرق العادات والنواميس، وأن هذه العادات والنواميس إنما هي ملزمة للناس فقط، ولا يمكن عقلا أن تكون ملزمة للذي خلقها، كما يزداد الذين آمنوا إيمانا بنبوة المصطفى ﷺ وهذه الحكمة هي حكمة مشتركة في جميع المعجزات.
٢- تطمين الله ﷾ لنبيه ﷺ أن الله ناصره ومؤيده بمعجزة ملازمة له، يراها ويشعر بها صباحا ومساء.
٣- إطلاع النبي ﷺ على ما يحدث خلفه، كإطلاعه على خشوع أصحابه، ﵃، في الصلاة، وكذا جميع حركاتهم وسكناتهم، فقد يحتاج الأمر إلى تصويبها وتعديلها، وتنبه أخي القارئ إلى أن رؤيته ﷺ توسع دائرة تكليفه من حيث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو لا يكلف بالذي يراه أمامه فحسب، بل بما يراه من خلفه أيضا.
كما أن رؤيته ﷺ من وراء ظهره، تضمن له ألا يغتال غيلة، كما يزيده شجاعة وإقداما، على عدوه في الحروب، وهو ما كان يحدث بالفعل.
الفائدة الثانية:
في كيفية تلك الرؤية، فقد ذكر ابن حجر، ﵀، في الفتح عدة أقوال عن غيره من العلماء، وقد أبطلها جميعا بدون محاجة أصحابها، ولذلك أحب أن أسردها هنا وأذكر حجتي في إبطالها فأقول وبالله التوفيق:
١- الرأي الأول: انطباع الصورة في حائط الجدار الذي أمامه ﷺ، وهذا مردود عليه، بأنه لن يرى طالما ليس أمامه جدار، والحديث لم يقيد الرؤية بالجدار أو غيره، بل لم
1 / 129