<div dir="rtl" id="book-container">
المقدمة وفيها سبع فرائد:
الفريدة الأولى في بعض مبادئ علم التاريخ وفضيلته
في مفتاح السعادة: التأريخ لغة تعريف الوقت مطلقا، يقال: أرخت الكتاب تأريخا وورخته توريخا كما في الصحاح. واصطلاحا هو معرفة الطوائف وبلدانهم ورسومهم وعاداتهم وصنائع أشخاصهم وألقابهم ووفياتهم إلى غير ذلك. وموضوعه أحوال الأشخاص الماضية من الأنبياء والأولياء والعلماء والحكماء والملوك والشعراء وغيرهم. والغرض منه الوقوف على الأحوال الماضية وفائدته العبرة بتلك الأحوال والتنصح بها، وحصول ملكة التجارب بالوقوف على تقلبات الزمان ليحترز عن أمثال ما نقل من المضار ويستجلب نظائرها من المنافع. وهذا العلم كما قيل عمر آخر للناظرين ينتقي به المطلع في مصره منافع لا نحصل إلا للمسافرين. انتهى باختصار من كشف الظنون.
ليس بإنسان ولا شبهه ... من لا يعي التاريخ في صدره
ومن روى أخبار من قد مضى ... أضاف أعمارا إلى عمره
ومزية التاريخ مشكورة بكل لسان، ممدوحة عند كل إنسان، فهو من أجل العلوم قدرا، وأرفعها منزلة وذكرا، وأنفعها عائدة وذخرا. وقد شحن الله به كتابه العزيز بما أفحم به أكابر أهل الكتاب وأتى بما لم يكن في ظن ولا حساب. قال بعضهم: احتج الله في القرآن على أهل الكتابين بالتاريخ فقال: {يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون (65)} وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ذكر الله التاريخ في كتابه واستنبطه بعضهم من قوله تعالى: {وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة
صفحة ١٣