كان من خاصة السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه، وقد عرفها منذ كانت طفلة في حجر السيدة فاطمة خاتون قبل أن تصير السيدة زوجا للسلطان!
3
قال نجم الدين مدهوشا: تعني فاطمة بنت طغرل السلجوقي؟
فأومأ صواب برأسه: نعم، ملكة تبريز وسيدة العجم، وزوج السلطان أزبك البهلوان، فلما انقطع ما بين الخاتون وأزبك حين أسرف في اللهو والفاحشة، وأهمل تدبير الملك، خلعت الخاتون طاعته، وانفصلت عنه، واستقلت بالحكم في تبريز، ثم حالفت جلال الدين واتخذته زوجا، وخاضت معه الغمرات حتى أدركه الأجل في حرب المغول وتبدد ملكه، فذهبت في الأرض، وقذفت المقادير بفتاتها إلى بدر الدين صاحب الموصل!
4
قال نجم الدين: هيه! ثم ماذا يا صواب؟ فوالله ما خابت فراستي فيها، وإن في وجهها أمارات الملوكية!
قال صواب: ثم لم يطب لها المقام ثمة حين أراد بنات بدر الدين أن يمتهنها مهنة الجواري، وإنها لأعرق أرومة من بدر الدين وبنات بدر الدين، إنها لدرة يا مولاي لم يلتقط مثلها غواص!
قال نجم الدين وقد تهيأ للقيام: بل هي يا صواب «شجرة الدر!» •••
وحظيت الفتاة منذ ذلك اليوم عند الأمير نجم الدين أيوب، فليس لغيرها من حظاياه ونسائه مكان في قلبه، ثم زادت حظوة حتى صارت صاحبة الرأي والمشورة، ثم زادت حتى ليس لغيرها مع الأمير رأي ولا مشورة، واستأثرت بالسلطان.
على أن مكانة شجرة الدر عند الأمير لم تكن دون منزلتها عند سائر المماليك والجند وأصحاب الوظائف في الحصن؛ فقد كانت من حصافة الرأي وسعة النفس وبسطة الكف بحيث صارت بين الجميع ملكة بلا تاج ولا عرش، يدينون لها بالحب والولاء والطاعة، وكأنما كانت نشأتها الملوكية في حجر فاطمة بنت طغرل ملكة تبريز، وتنقلها بين ألوان من السلطان في بلاط آل سلجوق، وأزبك، وجلال الدين إرهاصا
صفحة غير معروفة