فأجابت: بكائي لفحول مضر جعلني في هذا الحال، فأنبها عمر وطلب منها أن تلتجئ إلى رحمة المولى - عز وجل - وقال لها: إن الإسلام يحرم أمثال ذلك، وإننا ظلال زائلة في هذه الحياة، ولو أن البقاء من نصيب الأحياء لبقي الرسول
صلى الله عليه وسلم
حيا، ثم أتم الحديث بقوله: «إن أخويك في النار»، فأجابت: ذاك أطول لحزني، كنت أبكي لهما من الثأر وأنا اليوم أبكي لهما من النار.
فطلب منها أن تقول ذلك شعرا، فقالت دعني أنشدك بعض ما قلته فيهما، ثم أنشدته قصيدتها التي مطلعها:
سقى جدثا أكناف عمرة دونه
من الغيث ديمات الربيع ووابله
فتأثر سيدنا عمر من قولها، وعزم على أن يتركها في حالها ثم التفت إلى أصحابه وقال لهم: دعوها بعد اليوم في شأنها، فإن للمرء أن يبكي ما شاء لمصيبته ونكبته.
الفصل الثالث
حرب القادسية
هنالك صفحة مشرقة في تاريخ أيام الخنساء، تنحني لها الرءوس إجلالا، هي خير وأبقى من كل قولة قالتها أو قصيدة نظمتها في أيام الصبا.
صفحة غير معروفة