من قرأ ربات الخدور عرف تاريخ أيامهن وعاصرهن ونفذ إلى مجالسهن الروحية، فها أنا ذا أقدم هذا الجزء إلى قارئاتي الراغبات في القدوة بسالفات العصر الإسلامي، إلى قارئاتي المتشوقات إلى توسيع المدارك وشحذ القرائح؛ لأكون واسطة الاتصال بينهن وبين محفل المخدرات.
سترى القارئة الكريمة، في هذا المحفل المتضوع بعبير الأخلاق الحسنة والخصال الحميدة، أشباحا روحانية، تتباين في أشكالها وطراز لباسها عن المألوف في محافل هذا العصر، وستسمع القارئة العزيزة في هذا المحفل دروسا تفيض بالحكمة وعظات بالغات، أما أجري وثوابي فمحسوب بلا ريب في خزائن المولى الكريم عز وجل.
يجدر بي قبل اختتام كلمتي التنويه بذكر رسالة وردت إلي من بين الرسائل العديدة الدالة على تقدير أبناء لساني لهذا العمل، وهذه رسالة وصلتني من أمير البيان المرحوم «رجائي زاده أكرم بك»، وقد أردت اليوم نشرها لإذاعة ذكره وإعلاء روحه الطاهرة.
كان للمرحوم قلبا كبيرا، ومن الإنصاف أن يلهج الإنسان بذكر أصحاب القلوب، أطلب التوفيق من المولى للجميع. آمين.
إلى صاحبة العصمة والكمال الأميرة قدرية حسين هانم أفندي
تعلمين، سيدتي، أن الحقيقة الاجتماعية: «خير الناس من ينفع الناس» لا تفرق بين الرجال والنساء، ولسموك من دلائل الفضل وأمارات العرفان، بما تنشرينه بيننا من آثار قريحتك الوقادة منذ الصغر، ما يجعلني أن أرى لك عنوان «خير النساء» دون ما تستحقين.
تناولت بيد الفخار كتاب «مخدرات الإسلام» مع تلك الجملة التلطيفية في حق هذا العاجز، وبدأت مطالعته في الحال، فأتممت قراءته في مدة وجيزة، وما كدت أنتهي من تلاوته وتصفح مزاياه، حتى تكونت في ذهني عقيدة تقول: مثل هذا الكتاب الكامل، الحاوي لمثل هذه الآراء الناضجة، لا تستطيع الإتيان بمثله من بين شهيرات العصر سوى الأميرة، أيدها الله.
كنت قرأت شيئا عن أمهات المؤمنين وسيرتهن العبقة، سواء أكان في «قصص الأنبياء» أم في «روضة الأحباب»، ولكن ما قرأته لم يكن منسقا منظما، وفضلا عن ذلك فإن أسلوب «روضة الأحباب» لا يتمشى مع روح العصر، و«قصص الأنبياء» كتاب قيم جليل، قليل أمثاله، ولكن العين تقع على السجع والتكلف في مواقع كثيرة منه فيضيع بهاؤه ورواؤه من نفس القارئ، أما «مخدرات الإسلام» فيفوقهما ترتيبا ويفضلهما أسلوبا.
مولاتي الأميرة!
ثقي تماما أن مواهب العرفان والفضيلة التي تتحلين بها تجعلك في أعلى المراتب التي ترنو إليها أنظار أفاضل الرجال والنساء، ففي قريحتك الوقادة، تلك القريحة التي لا تفتأ تعمل على توسيع دائرة معلوماتها الفنية وتحقيقاتها العلمية، وفي بيانك العذب، ذلك البيان السلس الساحر، ما يدهش الألباب ويحير العقول.
صفحة غير معروفة