الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية
محقق
نجم عبد الرحمن خلف
الناشر
دار الفرقان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٤
مكان النشر
مؤسسة الرسالة - بيروت
١٨ - صُورَة تَفْرِيط الإِمَام الْحَافِظ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي
الْحَمد لله وَسَلام على عباده الَّذين اصْطفى
وقفت على هَذَا التَّأْلِيف النافع وَالْمَجْمُوع الَّذِي هُوَ للمقاصد الَّتِي جمع لأَجلهَا جَامع فتحققت سَعَة إطلاع الإِمَام الَّذِي صنفه وتضلعه من الْعُلُوم النافعة بِمَا عظمه من الْعلمَاء وشرفه وشهرة إِمَامَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية أشهر من الشَّمْس وتلقيبه بشيخ الْإِسْلَام فِي عصره بَاقٍ إِلَى الْآن على الْأَلْسِنَة الزكية وَيسْتَمر غَدا كَمَا كَانَ بالْأَمْس وَلَا يُنكر ذَلِك إِلَّا من جهل مِقْدَاره وتجنب الْإِنْصَاف فَمَا أعظم غلط من تعاطى ذَلِك وَأكْثر عثاره وَلَو لم يكن من الدَّلِيل على إِمَامَة هَذَا الرجل إِلَّا مَا نبه عَلَيْهِ الْحَافِظ الشهير علم الدّين البرزالي فِي تَارِيخه أَنه لم يُوجد فِي الْإِسْلَام من اجْتمع فِي جنَازَته مِمَّا اجْتمع فِي جَنَازَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَأَشَارَ إِلَى أَن جَنَازَة الإِمَام أَحْمد كَانَت حافلة جدا شَهِدَهَا مئات أُلُوف وَلَكِن لَو كَانَ بِدِمَشْق من الْخَلَائق نَظِير من كَانَ بِبَغْدَاد بل أَضْعَاف ذَلِك لما تَأَخّر أحد مِنْهُم عَن شُهُود جنَازَته وَأَيْضًا فَجَمِيع من كَانَ بِبَغْدَاد إِلَّا الْأَقَل كَانُوا يَعْتَقِدُونَ إِمَامَة الإِمَام أَحْمد وَكَانَ أَمِير بَغْدَاد خليفه الْوَقْت إِذْ ذَاك فِي غَايَة الْمحبَّة لَهُ والتعظيم بِخِلَاف ابْن تَيْمِية فَكَانَ أَمِير الْبَلَد حِين مَاتَ غَائِبا وَكَانَ أَكثر من بِالْبَلَدِ من الْفُقَهَاء قد تعصبوا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ مَحْبُوسًا بالقلعة وَمَعَ هَذَا فَلم يتَخَلَّف عَن حُضُور جنَازَته والترحم عَلَيْهِ والتأسف إِلَّا ثَلَاثَة أنفس تَأَخَّرُوا خشيَة على أنفسهم من الْعَامَّة وَمَعَ حُضُور هَذَا الْجمع الْعَظِيم فَلم يكن لذَلِك باعث إِلَّا اعْتِقَاد إِمَامَته وبركته لَا بِجمع سُلْطَان وَلَا غَيره وَقد صَحَّ عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض
1 / 72